ارم حجراً في الصحراء
![حسن العيسى](https://www.aljarida.com/uploads/authors/25_1682522445.jpg)
ما يهم أن نذكره هنا أنه لا هذا المجلس ولا هذه الحكومة، والاثنان حظهما في الثقافة الإنسانية أكثر من بائس، يعرفان أي أمر عن الفكر الصوفي أو رواية الكاتبة إليف شافاق، لكن من أجل ضجيج دوغما الجهل، وتأجيج المشاعر الدينية، ألقت هذه الحكومة قضية الحُرية هذه المرَّة في سلة قمامتها كالعادة.أليس هناك من نهاية مع سُلطات الإرهاب والقمع الفكري، بدءاً من الزج بالمغردين والمتظاهرين البدون الذين أرادوا التعبير عن بؤسهم في السجون، إلى إرهاب الصحافة بقوانين ظالمة غبية مستمدة من عصور مظلمة، إلى إحالة معارض الكتاب إلى معارض فنون الطبخ وكُتب بعنوان بأي قدم تدخل المرحاض، إلى منع كُتاب ومفكرين أجانب من دخول "عاصمة الثقافة" العربية... والقائمة تطول؟ هل يمكن أن يتغيَّر واقع الدولة طالما ظل "السادة" في مكانهم، وعلى كراسيهم في المجلسين؟ وهل يصح أن تستند هذه السُّلطة الحكومية بقرار المنع إلى رغبة النواب، بحجة أنهم يمثلون الشعب؟! ماذا لو كانت هذه الأغلبية المحافظة غارقة في جهلها، لا تدرك أولويات الدولة والمستقبل، بعيدة عن الثقافة والمدنية وأبسط مفاهيم حقوق الإنسان؟! أليس من واجب السُّلطة الحاكمة أن تقف مع الثقافة والتنوير وإيقاظ الوعي الإنساني بقضايا الحقوق والحُريات؟ هل يكفي أن يقصَّ الرسميون أشرطة افتتاح صالات فخمة مثل مركز جابر أو متحف ما، فيما لا يوجد فكر حُر مبدع يخلق، يرفض التقليد، يتحرك، يثور، يتململ من قيود العادة والمطلق والثابت، جدلي يناقش كل قضايا المجتمع من دون سلاسل التابو والمحرم وكل الزواجر التي يتسابق في طرحها نواب المجلس، وتباركها حكومة سعيدة ببؤس جهلها؟الإجابة لا تحتاج إلى تفكير طويل، ويبقى تساؤل: ماذا تجدي مثل هذه الكلمات بخطاب مع هذا الحائط الأصم؟ فنحن لا نُلقي حجراً في بحيرة لنستمتع بشكل الدوائر تتابع وتقترب من الشاطئ، ولا نرمي هذا الحجر في نهر صاخب... نرمي أحجاراً كثيرة في رمال صحراء قاسية جافة... فلا نجد شيئاً غير نفضة تحتبس في الصدور، يا خسارة الكويت بكم.