مع استمرار التوتر في المنطقة بعد الهجوم على شركة أرامكو السعودية، الذي لم تُعرف بعدُ حدود تداعياته، علمت «الجريدة» من مصدر رفيع في «فيلق القدس» ـــ الذراع الخارجية لـ «الحرس الثوري» الإيراني ـــ أن قائد الفيلق اللواء قاسم سليماني أجرى في الأسبوعين الماضيين زيارتين للعراق، حمل خلالهما جملة مطالب للعراقيين، أبرزها السماح للطائرات الإيرانية المسيّرة باستخدام أجوائهم، والموافقة على نشر أجهزة رادار وأنظمة دفاع جوي إيرانية في أرضهم. وقال المصدر إنه في وقت تحاول بغداد بصعوبة تجنب الانزلاق إلى صراع المحاور في المنطقة، مع اتباع سياسة دقيقة لعدم تحول أراضيها إلى ساحة مواجهة أميركية ــ إيرانية، سعى سليماني في زيارته الأولى إلى حشد حلفاء طهران العراقيين بهدف استصدار قانون في مجلس النواب العراقي لإلغاء جميع الاتفاقيات بين العراق والولايات المتحدة، بذريعة أن واشنطن لم تنفذ تعهداتها، ولم تحمِ الأجواء العراقية من الغارات المجهولة المصدر التي تستهدف معسكرات «الحشد الشعبي» منذ أسابيع.
وذكر أن الزيارة الثانية كانت الأهم، إذ حمل سليماني معه إلى بغداد معلومات عن مخطط لتنظيم داعش لاستهداف مواكب أربعين الحسين في العراق أواخر الشهر المقبل، موضحاً أنه بناء على هذه المعلومات، طالب الجنرال الإيراني بأن تتولى قوات «الحشد» العراقي حماية المواكب، والسماح لـ «فيلق القدس» بإرسال قوات للمساعدة.ولفت إلى أن سليماني طلب من الأجهزة الأمنية العراقية الموافقة على أن تقوم «المسيّرات» الكاشفة والقاصفة الإيرانية (الدرون) التابعة للحرس بالطيران في الأجواء العراقية لتأمين زوار الأربعين، مؤكداً أن «الدرون» الكاشفة تستطيع تصوير وكشف أي تحركات مشتبه بها عبر شعاع يصل إلى نحو خمسين كيلومتراً على الأقل، في حين تستطيع «الدرون» القاصفة تدمير أي تهديد مثل السيارات الانتحارية المفخخة قبل وصولها إلى الحشود.وبحسب المصدر، طلب سليماني أيضاً من الأجهزة الأمنية العراقية السماح لطهران بتركيب أجهزة رادار وأنظمة دفاع جوية داخل الأراضي العراقية لحماية مراسم الأربعين.وكشف أن سليماني قدم معلومات استخباراتية إلى المسؤولين الأمنيين العراقيين تؤكد وجود عملاء وجواسيس في مراكز أمنية مهمة يهدفون إلى زعزعة الأمن والاستقرار وتخريب العلاقات بين إيران والعراق، كما طلب تعاوناً مكثفاً بين الأجهزة الأمنية العراقية ونظيرتها الإيرانية لكشف هؤلاء العملاء.ولم يوضح المصدر كيف ستحلق «الدرون» الإيرانية في وجود سيادة للقوات الأميركية بأجواء العراق بتفويض من الحكومة العراقية، في إطار التحالف الدولي ضد «داعش».وكان العراق نفى بشدة أن تكون «الدرون» والصواريخ التي استخدمت في الهجوم على منشأتي بقيق وهجرة خريص النفطيتين شرق السعودية قبل نحو 10 أيام انطلقت من أراضيه، وأيّد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو ذلك النفي في مناسبتين، معلناً أن الهجوم التخريبي غير المسبوق لم ينطلق من الأراضي العراقية.وحتى الآن ترسل طهران طائراتها المسيّرة إلى الحدود العراقية من جهة كردستان العراق بهدف مراقبة الحدود بالتنسيق مع الحكومة العراقية، لمنع تسلل المتمردين الأكراد. وفي حال سمحت بغداد باستخدام «الدرون» الإيرانية أجواءها فسيشكل ذلك خرقاً أمنياً كبيراً للقواعد العسكرية الأميركية في العراق، كما سيعطي طهران كمية كبيرة من المعلومات الأمنية التي لم تكن بحوزتها سابقاً. وبينما يجري العراق تحقيقاً لمعرفة هوية الطائرات التي تغير على مخازن الحشد الشعبي، والتي يُعتقد على نطاق واسع أن إسرائيل تقف وراءها، كشف المصدر أن سليماني أبلغ العراقيين عن رصد قواته عمليتين على الأقل ضد «الحشد» انطلقتا من أراضي السعودية، موضحاً أن سليماني اتهم بعض ضباط الجيش العراقي بإعطاء إحداثيات ومعلومات استخباراتية للأميركيين والسعوديين عن مخازن الحشد.
أخبار الأولى
طهران تقحم بغداد في «حرب الدرون»
24-09-2019