لماذا تحرر الصين نظام سعر الفائدة؟
يعكف بنك الشعب الصيني في الوقت الراهن على تحرير نظام سعر الفائدة، فيما يبدو أنه سيكون إحدى المحطات الإصلاحية التاريخية في المسيرة التي بدأت قبل 4 عقود لتعزيز مكانة الأسواق في الاقتصاد، وفق تقرير لـ «بلومبيرغ».قد تساعد هذه الجهود في خفض تكلفة الاقتراض للشركات والأسر على المدى القصير، في ظل تحمّل الاقتصاد الوطني تداعيات الحرب التجارية القائمة بين الولايات المتحدة والصين.
كيف كان يعمل النظام من قبل؟
- تتحكم معظم البنوك المركزية في تكلفة التمويل في الاقتصاد عن طريق معدل الفائدة الذي تفرضه المصارف على الاقتراض النقدي للآجال الزمنية القصيرة.- في الصين، تم تقسيم هذا النهج إلى خطوتين، أولا، يضبط بنك الشعب الصيني أسعار التمويل في سوق ما بين المصارف من خلال اتفاقيات إعادة الشراء العكسي وتسهيلات الإقراض متوسطة الأجل.- بعد ذلك، يحدد المعدلات القياسية التي تستخدم لتسعير قروض العقارات والشركات وغيرها من القروض التجارية، والتي تعرف بأسعار الإقراض لمدة عام وخمسة أعوام.- كان ذلك ما تبقى من ممارسات الاقتصاد الموجه، وأراد البنك المركزي الصيني تغييرها.ما المشكلة؟
- الفائدة على الإقراض لعام واحد، هي أداة مربكة للغاية بالنسبة إلى اقتصاد يجدد نفسه ويعاني الديون الزائدة، وخفضها يقلص تكاليف الاقتراض في جوانب عدة، ويهدد بتأجيج الفقاعات المالية والعقارية، في حين يؤدي رفعها إلى تقويض النمو ويضع المقترضين في مأزق.- يريد بنك الشعب الصيني أن يلعب القطاع المالي دورًا أكبر كوسيط لتوجيه الأموال إلى الشركات التي تحتاج إليها، ولتحقيق هذه الغاية، قدم تمويلًا أكبر وأرخص للمصارف للمساعدة في خفض فائدة الإنتربنك (سوق ما بين المصارف).- هذه الخطوة تهدف إلى خفض تكلفة القروض على الشركات والأسر أيضًا، لكن ذلك لم يحدث، ويرجع السبب جزئيًا إلى أن النظام ثنائي المسار المتبع سابقًا يمنع تمرير أسعار الفائدة التي تدفعها البنوك إلى الجمهور بحريّة.كيف يعمل النظام الجديد؟
- ابتداء من شهر أغسطس، استبدل بنك الشعب الصيني سعر الإقراض القياسي من خلال سعرين مرجعيين جديدين للقروض البنكية، يتم الإعلان عنهما يوم 20 من كل شهر. - يعتمد «سعر القرض الرئيسي» الجديد على سعر الإقراض لمدة عام واحد الذي تفرضه مجموعة مكونة من 18 بنكا على عملائهم المميزين، والذي تحدده المصارف وفقا لسعر الفائدة على قروض البنك المركزي متوسطة المدى.- القصد هو أن البنوك تستخدم «سعر القرض الرئيسي» كأساس لمنح قروض للأسر والشركات، وتم تحديده لأول شهر من التجربة عند مستوى أقل من سعر الفائدة القياسي السابق.- انخفاض «سعر القرض الجديد» سيتبعه تخفيض البنك المركزي لسعر الإقراض على المدى المتوسط، وربما تخفيض المصارف للهامش الذي تتقاضاه فوق هذا السعر.- المعيار المرجعي الثاني هو «سعر القرض الرئيسي» لفئة القروض التي تتجاوز 5 أعوام، وأطلقه البنك المركزي مصحوبًا بقواعد الرهن العقاري للحماية من التوسع الهائل في قروض المنازل، والتي يمكن أن تغذي فقاعة عقارية غير مرغوبة.ما الصعوبات؟
- يتكون القطاع المالي الصيني البالغ حجمه 44 تريليون دولار، من البنوك بشكل أساسي، حيث يتم توفير ثلثي التمويل المطلوب في البلاد من خلال القروض المصرفية، ويمثّل إصلاح نظام الفائدة تهديدًا محتملًا لربحية البنوك.- يرى محللون أن الإصلاحات تزيد فرص تراجع تكاليف التمويل للبنوك مع خفض أسعار الفائدة في عمليات السوق المفتوح، لكن مع انخفاض تكاليف الاقتراض، سيكون على صانعي السياسة التيقظ لفقاعات الإسكان وسوق الأوراق المالية.- يحتاج المنظمون أيضا إلى ضمان وجود منتجات مشتقة كافية مرتبطة بـ «سعر القرض الرئيسي» للمساعدة في التحوط من المخاطر.كيف يُعرف إذا ما كان النظام الجديد يعمل بشكل صحيح؟
- إذا كان كل شيء على ما يرام، وتم تسعير القروض المصرفية على نحو متزايد بالاستناد إلى «سعر القرض الرئيسي»، فإن معدلات الفائدة على الإقراض ستنخفض وسيزداد النمو الاقتصادي.كيف تعمل البنوك المركزية الأخرى؟
- في نهاية المطاف، يريد بنك الشعبي الصيني التأثير على الاقتصاد والأسواق المالية من خلال سعر قروضه قصيرة الأجل في السوق المفتوح، وهو نهج مماثل للبنوك المركزية الأخرى.- يستهدف مجلس الاحتياطي الفدرالي تكلفة القروض قصيرة الأجل في سوق ما بين المصارف للتحكم في تكاليف الاقتراض في الاقتصاد، ويرفعها ويخفضها للتأثير على تكلفة إقراض المنازل والشركات والمنتجات المالية.- يتبنى البنك المركزي الأسترالي وبنك إنكلترا، سياسة مماثلة، ومع ذلك، أصبحت أدوات صياغة سياسات البنوك المركزية العالمية أكثر تعقيدًا خلال السنوات الأخيرة، مع ظهور التيسير الكمي ومعدلات الفائدة السالبة في اليابان والاتحاد الأوروبي وأماكن أخرى.