تغيير في مسار الدولة
![محمد المقاطع](https://www.aljarida.com/uploads/authors/21_1703694711.jpg)
وقد سار مسلك ذلك الإطار الرتيب لإيجاد نمط خيار يميل للتفرد بالسُّلطة، وفرض واقعاً مغايراً للثوابت الدستورية المتينة، فكانت محاولة تزوير انتخابات 1967 ، ثم بدأت عجلة تغيير ديمغرافية الشعب والتجنيس العبثي، وتلا ذلك حل مجلس الأمة وتعليق الدستور، وكل تلك المحاولات أفرزت نمطاً جديداً منذ 1978 ينطلق من التحلل من المنظومة الدستورية وثوابتها. وقد كان لهذه التوجهات انعكاس مباشر على نهج الدولة وطبيعتها، وتمثل ذلك بتضييق الحريات وقوانين تقييدها، وتعطيل الدستور ومحاولة تنقيحه وتغيير قانون الانتخاب وتدخلات في العملية الانتخابية سعت إلى جعل المشاركة الشعبية شكلية. وظهرت في أعطاف ذلك سياسات رسمية وحكومية؛ سياسياً ومالياً وإدارياً، خاطئة أرهقت الدولة، وبدأت تجرِّدها عن مؤسسيتها، فصارت الوظائف العامة في مهب الريح وعُرضة للمقايضة في التعيين والترقية، وكل شؤونها لأغراض انتخابية صرفة، وهو ذات الأمر الذي ساد كل الخدمات والإجراءات الحكومية التي قنن فيها الفساد وضاعت المسؤولية، وبدأت تترهل الأجهزة والمؤسسات. وهو المسلك ذاته الذي ظهر في العديد من الممارسات السياسية والمالية التي ابتعدت عن المسار الرشيد للحكومة، وكانت مجالاً رحباً لفساد سياسي ومالي أنهك الدولة، وأبعدها عن مسارَي الإصلاح والتطوير الواعدين. وتلاحقت السياسات والممارسات الخاطئة، وبدأت تتوالى، وتفشت مظاهر الفساد وظواهره بالواسطات غير المشروعة، وقرصنة الوظائف والمناصب والخدمات الصحية والتعليمية والإسكانية، فانزلقت الدولة للعديد من الأزمات المالية والخدمية، وتعطلت التنمية، وتراجعت الكويت على جميع المستويات، وفي معظم المؤشرات، وهي نتيجة طبيعية لمنهجية خاطئة ومسار عكسي لثوابت الدولة ومنظومتها.وما الحال الذي نعيشه اليوم، بما فيه من إشكاليات وفساد وتراجع مخيف وإفراغ للدولة من مؤسسيتها ومسلكها التطوري والرشيد، إلا نتيجة طبيعية لكل تلك الرتابة، وأطرها ونهجها الخاطئ، وهو ما يفرض عاجلاً وبصورة مُلحَّة أن نعمل جميعاً من أجل تغيير مسار الدولة، لإعادتها لمسارها القويم، تحقيقاً لمصلحة الوطن.