سنظل نكرر أن العالم العربي بعد عام 2011 ليس هو ما قبل ذلك، وسيظل الحُكام العرب والأنظمة العربية تخدع أنفسها، وتصرُّ على أنها استطاعت أن تُعيد الساعة للوراء إلى ما قبل الربيع العربي، وأنها ستحكم بنفس الطريقة التي سادت في القرن الماضي وحتى العقد الأول من القرن الحالي، وسيكررون نفس الأخطاء، ولن يتعظوا من صور حسني مبارك وعمر البشير من خلف القضبان، ولا حالة بشار الأسد الإجرامية، ولا قصاص الشعب العراقي من صدام حسين الصارم، ولا مقتل معمر القذافي المأساوي.تراهن الأنظمة العربية على أنها قضت على الربيع العربي، لكنها تفاجأ بين فترة وأخرى بشعب عربي ينطلق في ثورة جديدة، أو احتجاجات مدوية، وهو ما يحدث بين فترة وأخرى في الجزائر والسودان والأردن ومصر والعراق، في حين أن الغرب، الذي يخشى عالماً عربياً يحكم نفسه بنفسه، ومعه كذلك إسرائيل، يشجع الأنظمة من خلف الستار على قمع شعوبها وإسكاتها بكل الوسائل الممكنة، بينما في العلن يتكلم عن الديمقراطية والحُرية وحقوق الشعوب العربية في الإصلاح السياسي واختيار من يحكمها.
الشعوب العربية تعلَّمت الدروس من ثوراتها السابقة، فلم تعد تستخدم الشعارات الدينية في حراكها، وأبعدت التيارات الإسلامية عن نضالها، حتى لا تستخدم عناوين الإرهاب والطائفية في العمل المضاد لها من الأنظمة العربية والغرب وروسيا، وهذا ما شاهدناه في ثورة السودان من حركة تجمع المهنيين والقيادات الطلابية للحركة الجزائرية، واختيار الناخب التونسي في الجولة الأولى لمرشح للرئاسة محافظ، لكنه لا ينتمي لأي حزب إسلامي سياسي.سيظل مرض معظم الحُكام العرب بالتصاقهم بالكرسي، ونقضهم لوعودهم بتداول السُّلطة، قائماً، حتى تكون نهاياتهم متشابهة ومأساوية، ولن يتعظوا حتى يجدوا أنفسهم خلف القضبان، أو بين جموع شعوبهم الغاضبة، لتقتص منهم بأيديها، وستظل الأنظمة تخدع نفسها بأنها قضت على الربيع العربي، وستمارس نفس الأساليب البالية، عبر إعلام الصوت الواحد، والقبضة الأمنية الحديدية، وترويج معادلة الأمن والأمان مقابل بقاء الحاكم إلى الأبد في السُّلطة، وهي الأساليب التي تنتهي بانفجار الشعوب وتحطيمها لكل القيود، وستظل الأمة العربية تدفع أثماناً غالية من مقدَّراتها ومستقبلها نتيجة لذلك.
أخر كلام
الأنظمة لا تتعلم... والحُكام لا يتعظون!
26-09-2019