ربما يعتبر وجود الكويت، لأول مرة، ضمن قائمة الـ 20 دولة الأكثر تحسناً في مؤشر سهولة ممارسة أنشطة الأعمال 2020 - وذلك من أصل 190 دولة يضمها المؤشر الذي سيصدر في تقرير الأعمال 2020 بنهاية أكتوبر المقبل - أمراً إيجابياً منذ سنوات طويلة تعرضت اليها الأوضاع إلى المزيد من التردي والانحراف عن مؤشرات تحقق الأهداف على صعيد الخطط التنموية والاقتصادية.

وترى مصادر مطلعة لـ «الجريدة» أن الوجود ضمن هذا المؤشر قد يبعث التفاؤل في الاقتصاد الكويتي، لكن عند الاطلاع على التقرير ستجد أن هناك دولا نامية، مثل الصين والهند، ودولا أخرى قد تكون على شفا الانهيار مثل توغو وبنغلادش وزيمبابوي موجودة ضمن قوائم هذه المؤشرات، مما يستدعي الحصافة في التعامل على أن ذلك ليس أقصى النجاح.

Ad

وأضافت: حتى يكون الأمر قابلا للتفاؤل، فمن حق المجتمع أن يحصل على إجابات عن بعض الأسئلة، مثل مدى تأثير الوجود ضمن هذه المؤشرات، ومدى انعكاس ذلك على أرض الواقع في تحسين بيئة الأعمال، وخلق المزيد من الوظائف للكويتيين، لاسيما أنه على الرغم من وجود الكويت ضمن قائمة 20 دولة تحسّنا في مؤشرات سهولة الأعمال، فإنه حتى الآن لم يصدر الترتيب الجديد عن عام 2020 وبالتالي فإن الحديث عن الإنجاز سابق لأوانه.

تعارض مصالح

وأضافت المصادر أن البنك الدولي لم ينفِ يوما وجود شبهة تعارض مصالح مع الدول التي يقدم لها عقوداً وخدمات استشارية، وفي الوقت نفسه يقوم بتصنيف وتقييم اقتصاداتها، والكويت تعتبر من أبرز الدول التي تتعاقد مع البنك الدولي في قطاعات مختلفة مثل التربية والأبحاث والقطاعات المالية.

وأوضحت المصادر أن الفترة الماضية أثبتت أن العديد من التصنيفات والتقييمات التي صدرت لمصلحة شركات ومؤسسات كانت غير دقيقة، وكشفت الأزمات المتعاقبة عن عورات ومساوئ لم تكن يوما في الحسبان، وخصوصا أن هناك تعارض مصالح لهذه الوكالات مع الجهات التي تصنّفها، الأمر الذي يقتضي ضرورة اعتماد الحكومة واختيارها وكالات التصنيف المتخصصة التي تمتاز بقدر كبير من النزاهة والمصداقية للاعتماد عليها والاستعانة بها.

وأكدت ضرورة أن يكون الوجود ضمن هذه المؤشرات على الأقل فرصة في خلق بدائل للمداخيل النفطية، وتقليل مخاطر دول المنطقة في الاعتماد على النفط كمصدر شبه وحيد للإيرادات، وهذا أمر لا يتطلب الوجود ضمن هذه المؤشرات، بقدر ما يتطلب وضع خطط محددة لتنمية الإيرادات وتحسين الناتج المحلي والاقتصاد، مشيرة الى أن المراهنة وتركيز الجهود على الوجود ضمن هذه المؤشرات يجب أن يأتي ضمن مساعي تنويع مصادر الدخل في الميزانية، والخروج من هياكل الاقتصاديات التقليدية القائمة على النفط إلى نماذج متعددة أخرى.

مسار جديد

وبيّنت أن الحديث عن معالجات جذرية للأوضاع المالية للدولة يؤكد ضرورة الحاجة إلى رسم مسار جديد توجد به محركات اقتصادية لخلق المزيد من الدخل، إلى جانب إعادة النظر لتطوير مستقبل التنمية الصناعية في البلاد، خصوصا أن العيش على الثروة النفطية يضع المستقبل في مهب الرياح، في ظل توقف خطة الإصلاح الشامل.

وذكرت المصادر أن هناك العديد من الدول التي تعتمد على تقارير دولية وكيانات استشارية لتقديم خط إصلاحية، ومع الوقت أثبتت التجربة عدم نجاح هذه الخطط على أرض الواقع، وخير دليل على ذلك قيام بعض الجهات الحكومية بالتخلي عن هذه الجهات الاستشارية، بعدما وجدت أن الخدمات التي تقدمها لا تتناسب مع الأوضاع الكويتية.

ولفتت إلى أن توصيات البنك الدولي والتقارير العديدة التي أصدرها لمصلحة العديد من الدول لم تلق نتائج ملموسة في تحسين البيئة الاقتصادية، مستدركة بأنه لا قيمة للحديث عن التحسن ضمن هكذا مؤشرات دون لمس حقيقي للإصلاحات المالية أو الاقتصادية، خصوصا أن البحث عن خطط لتمويل عجز الميزانية لايزال يتصدر أهم اهتمامات الحكومة.

يذكر أن الكويت في تصنيف عام 2019 سجلت ادنى ترتيب بين الدول الخليجية (الأخيرة) و97 عالميا، وبالتالي فإن الحديث عن وجود "إنجاز" هو أمر مخالف للحقيقة، خصوصا ان النمو الذي يستحق التشجيع يرتبط بالوصول الى مستويات تنافسية قوية، كما هو الحال مثلا مع دولة الامارات التي احتلت العام الماضي الترتيب 11 عالميا دون ان تكون موجودة ضمن قائمة أكثر 20 دولة تحسنا في مؤشر سهولة ممارسة انشطة الاعمال.