تمويل المتاحف العالمية بات شبهة أم مصدر حياة؟

منها ميتروبوليتان وتاتي مودرن في لندن ومتحف اللوفر

نشر في 30-09-2019
آخر تحديث 30-09-2019 | 00:03
من نيويورك إلى باريس، تتزايد حدة الاحتجاجات بشأن استخدام أموال من المحتمل أن تكون مشبوهة في تمويل المتاحف والفنانين.
حتى الساحة الثقافية التي تحظى بدعم عام في ألمانيا ليست استثناء؛ فالفنانون يطرحون تساؤلات حول مصدر الأموال.
انتشرت أخيرا ظاهرة جديدة مقلقة حول من يموّل المتاحف والأماكن الثقافية الكبرى في العالم، حيث تركزت أحدث حلقات تصاعد الاحتجاجات على أسرة ساكلر الثرية.

وحشدت المصورة نان جولدين الدعم لاحتجاجاتها ضد أسرة ساكلر، التي تنتج شركة بوردو فارما، التي تمتلكها، العقار المسكن أوكسيكونتين.

وتقول عدة دعاوى قضائية إن العقار تم تصنيفه بالخطأ على أنه لا يؤدي للإدمان، كما أنه وراء وقوع نحو 200 ألف حالة وفاة.

كما تبرعت أسرة ساكلر بملايين الدولارات للمتاحف في أنحاء العالم طوال أعوام، بما في ذلك متحف متروبوليتان للفنون في نيويورك ومتحف تاتي مودرن في لندن ومتحف اللوفر في باريس.

وقد قطعت جميع تلك المتاحف علاقتها بأسرة ساكلر حاليا.

ويتفهم المؤرخ والخبير في شؤون الرعاة، أندرياس هانسرت، المشاكل التي تواجه المتاحف، ويقول: من الصعب للغاية أن ترفض المتاحف التبرعات الكبيرة.

وأضاف: ولكن متى يحين وقت التغيير واتخاذ قرار؟"

ويرى هانسرت وجود نمط، حيث يتولى شخص ما المنصب، وفي النهاية يسيئون للمتاحف أو المسارح أو المؤسسات من أجل إخفاء صورتهم السيئة".

لكن النفوذ الفردي للرعاة محدود؛ في الولايات المتحدة الأميركية، هناك الكثير من الأثرياء". من جهته، قرر مدير متحف ميتروبوليتان، ماكس هولين، وقف تعاون المتحف مع أسرة ساكلر، حيث قال في النظام الأميركي، إن مدير المتحف ينفذ المصالح الفردية، التي تكون موجودة بالفعل".

وتعتمد المؤسسات الثقافية في الولايات المتحدة الأميركية بصورة خاصة على المتبرعين الأثرياء، فالدعم العام نادر، لكن هناك الكثير من المتبرعين، والرعاية جزء أصيل من الحياة الاجتماعية.

يشار إلى أنه خلال عام 2018، تم التبرع بمبلغ 410 مليارات دولار في أميركا وحدها.

ومن دون الرعاة الأثرياء، كان يتعين على كثير من المتاحف الإغلاق على الفور.

لكن السؤال يبقى: ماذا يجب أن يفعل المتحف في حال كسب المتبرع أمواله بصورة مريبة؟

وعلى سبيل المثال، رجل الأعمال المحافظ الثري ديفيد إتش كوخ، الذي يتصدر اسمه على مسارح ومستشفى ومتاحف في أنحاء نيويورك، أو ريبيكا ميرسير، مديرة مؤسسة تمتلكها أسرتها وتقدر قيمتها بمليارات الدولارات، التي تبرعت بكثير من الأموال لمتحف نيويورك للتاريخ الطبيعي بالتزامن مع انتقادها للتغير المناخي.

وكان يمكن حتى وقت قريب رؤية اسم ساكلر في متحف اللوفر في باريس، ومنذ أكثر من 20 عاما، تبرعت الأسرة بالملايين لعدة قاعات مخصصة للشرق القديم، وفي يوليو الماضي نشرت المصورة غولدين وأنصارها لافتات احتجاجية أمام متحف اللوفر، وبعد فترة قصيرة، أزال المتحف الأسماء.

وفي الوقت نفسه، تم الكشف عن إعادة وزارة الثقافة الفرنسية تبرعات بقيمة 200 ألف يورو (220 دولار) من شركة الأسمنت لافارج لمتحف كلوني للعصور الوسطي في باريس عام 2015.

متحف اللوفر

مشكلة المال المشبوه ليست جديدة، وقد تبنى متحف اللوفر ميثاق "رعاية" عام 2003، ويتعهد بعدم الدخول في اتفاقيات تمويل مع شركاء من شأنها الإضرار بصورته.

لكن التساؤلات حول كيفية جني الرعاة لثرواتهم أصبحت متكررة. وفي ألمانيا، ظهر مثل هذا النوع من النزاعات من قبل، ففي برلين تدين بمجموعتها الفنية المعاصرة الشهيرة عالميا لجامع الأعمال الفنية والراعي فريدريك كريستيان فيلك، واستفاد جده فريدريك فليك، من العمالة القسرية كصانع أسلحة في العهد النازي.

لكن هانسرت يرى أن التمويل الثقافي في ألمانيا آمن. ويقول: "هنا، المؤسسات يديرها القطاع العام بصورة عامة".

وأضاف: "ولكن من أجل المنافع الحقيقة لعمل المتحف، مثل المعارض أو المشتريات، عليهم أن يبحثوا عن رعاة".

وترى الفنانة الألمانية -اليابانية، هيتو ستيرل، الأمر بصورة مختلفة، وتقول: "حتى الآن، تأثير جامعي الأعمال الفنية والرعاة ليس بكل الأحوال كبيرا مثلما يوجد في إنكلترا والولايات المتحدة".

لكن يبدو أن هذا الأمر على وشك التغيير، وتقول: "وهذا هو السبب في أن الوقت الحالي ملائم لإخضاع تأثير جامعي الأعمال الفنية والمؤسسات على الفن العام وقطاع الثقافة للتدقيق". وفي معرضها الأخير" باور بلانتس"، في غاليري سيربينتين ساكلر في لندن، تظهر ستيرل موقفها الرافض للأسرة الممولة.

وتقول ستيرل إنها ليست مهتمة بالرعاة الأفراد، مضيفة أن انخراط الرعاة من القطاع الخاص في الفن يمكن أن يقوض المجال العام للحوار.

وتعتقد ستيرل أن التوتر بين الفنانين والرعاة تفاقم، حيث تقول: "خاصة بعد الأزمة المالية، في ظل سياسة التقشف، التي أدت إلى خفض في الدعم بقطاع الثقافة، خاصة في بريطانيا".

وأضافت: "كان هذا هو السبب في أن تقوم مجموعة معيّنة من الرعاة بالحصول على مزيد من الفرص لتوسيع نفوذهم".

تأثير جامعي الأعمال الفنية والرعاة ليس بكل الأحوال كبيراً
back to top