ماذا بعد في صفقة فاوست؟
![حسن العيسى](https://www.aljarida.com/uploads/authors/25_1682522445.jpg)
في جريدة "الجريدة" عدد 27 سبتمبر كان الخبر: "الاحتياطي العام تقلّص من 21 مليار دينار إلى 7 مليارات"، وينتقد بدر الحميضي، وهو وزير مالية سابق، قانون التقاعد المبكّر، ويسأل: "القانون تم تعديله في أبريل الماضي، ولدينا الآن تعديل جديد، رغم أن 40 ألف شخص أخذوا قروض استبدال... إذا تمت زيادة العدد إلى الضعف... وين راحين؟".لا أدري "وين رايحين"، لكن أدري أن الشيوخ والحكومة الظاهرة والحكومة المخفية العميقة أبخص للجواب عن التساؤل، وهم طبعاً وحدهم الذين قرروا كل ما سبق، وهم الذين اليوم من أجل إبعاد أشباح المساءلة السياسية (وكأن هناك مساءلة حقيقية!) عن الفساد والهدر والتسيب المالي والإداري من ألِف الدولة إلى يائها، يهرولون لترضية نواب تم إنتاجهم في مصانع المشيخة التاريخية.في الفلكلور الألماني، هناك قصة فاوست، كتب عنها غوته وتوماس مان وغيرهما، فاوست عقد صفقة مع الشيطان مفيستو فيليس، بأن يعطي الأخير فاوست كل ما يرغب من مُتَع ومباهج الدنيا لفترة محددة، ثم يقبض روحه بعدها، وتنتهي الحكاية! هل عقدنا صفقة مع شيطان الهدر والفساد منذ لحظة تصدير النفط وإغراقنا بعالم الاستهلاك الريعي وتناسي التنمية الحقيقية التي قوامها الإنسان المنتج؟! بالتأكيد تمت الصفقة الفاوستية، لكن ليس فاوست الناس مَن أبرمها، وإنما هي السلطة التي قامت بذلك دون تفويض من الناس، ولن يدفع ثمنها غير الجيل الجديد، بعد خراب البصرة.