«العرضة».. فن إقتصر على أبناء الخليج لبث روح الحماسة
• أصولها نجدية وسميت في الكويت بـ«الحدوة».. منها انبثقت «العرضة البحرية»
• في الإمارات تسمى بـ«العيالة» وفي عمان بـ«الحشمة» وفي قطر بـ«الرزيف»
«العرضة»... فن اقتصر على أهل الجزيرة العربية إذ يؤدي قرع الطبول وايقاعها إلى بث روح الحماسة وخصوصاً لدى المقاتلين سواءً في الحروب أو عند تلقي التهديدات التي تنذر بوقوع المعارك.وتعد العرضة من الفنون الشعبية المنتشرة في معظم مناطق شبه الجزيرة العربية إلا أنها تختلف في بعض التفاصيل من مكان إلى آخر وتسمى في منطقة نجد بـ «العرضة النجدية» وهي مقتصرة في الأداء على الرجال دون النساء.وحول أصول هذا الفن قال أستاذ الموسيقى الدكتور حمد الهباد اليوم أن الرجال في العرضة النجدية ينقسمون إلى صفين في كل صف مجموعة لا تقل عن عشرة أشخاص يصاحبهم قرع الطبول وبعضهم يلوح بالسيوف ويكون فيهم الشاعر أو «الراوية» الذي يلقنهم الأبيات الشعرية.
وأضاف الهباد أنه يكون للعرضة في الغالب مناسبة إما بعد انتصار من قتال أو للاحتفال بزواج أو في أيام العيد أما موالها فيسمى «حوربة».وبين أن المصادر المكتبية وغيرها كانت تشير إلى عهد قريب بأن العرضة تنقسم إلى ثلاثة أقسام الأول «عرضة الجيش» والجيش هو الإبل النجائب المذللة للركوب.وأشار إلى أن المحاربين يختارون نجائب الإبل في اليوم المخصص للعرضة فيركبونها حتى يصلوا إلى مكان العرضة فإذا مر العارضون على المكان الذي اجتمع فيه الناس صار كل واحد منهم يلوح بسلاحه ويصرخ بأعلى صوته بنخوته التي يعتز بها كأن يقول «أنا أخو فلانة» أو «أنا ابن فلان» فيجيبه الناس بكلمة «ونعم ونعم» تشجيعاً له.وعن القسم الثاني، ذكر الهباد أنه يسمى «عرضة الخيل» إذ يمتطي الفرسان خيولهم في الوقت المحدد للعرضة ويصلون إلى مكانها متسابقين على خيولهم ملوحين بسيوفهم وهم يعتزون وينتخون.وتابع أن القسم الثالث يسمى «العرضة العامة» إذ يقوم الرجال بعد أن يتهيؤوا بأسلحتهم من سيوف أو بنادق بالاصطفاف ويقومون برقصات تلائم ايقاع ما يلقى على مسامعهم من أهازيج شعرية مثيرة للحماس.وعن «العرضة» في الكويت، قال الدكتور الهباد أنها كانت تسمى «الحدوة» ومن أنواعها «حداء الحصان» إذ يرتجل فارس القبيلة عن ظهر الحصان وينشد عدة أبيات لا تزيد عن بيتين تثير الحماسة عند الحرب في نفوس المحاربين.ولفت إلى وجود نوع آخر من الحداء يسمى «الحداء الحربي» يستخدم من قبل الجيوش في الحرب إذ تقوم فرقة المشاة بالسير أمام الجيش يصاحبها قرع الطبول والغناء الحماسي يتقدمها حملة الإعلام ومن خلفها «السبحاه» وهم حملة السيوف، مبيناً أن هذا الضرب والغناء نوع من التشجيع للسير قدماً نحو ساحة المعركة.وأفاد أن من أنواع العرضة الكويتية ما يسمى «بالعرضة البحرية» التي تنبثق من العرضة النجدية إذ تأخذ كل عناصرها إلا أنها تختلف عنها في الايقاع مع التزامها بنفس الأسلوب المتكون من مجموعتين على ظهر السفينة. وأضاف أنه يستخدم في تلك العرضة طبول من النوع الكبير المعروف باسم الطبل البحري وعندما يبدأ الضرب عليه تبدأ السفن الراسية بالميناء برفع أعلامها تحية لمقدم هذه السفينة.وبين أن هذه العرضة بالنسبة للسفينة القادمة هي الفرحة بسلامة العودة وتعريف بجنسية السفينة وهذا تقليد جرت عليه العادة بين سفن البحر في منطقة الخليج وتؤدى عند العودة من المدينة أو على مقاربة من الشواطئ إذ يسمع الناس الغناء فيخرج الأهل والأصحاب لاستقبالها تعبيراً عن فرحة العودة.وأشار إلى أن من أنواع العرضة في الكويت أيضاً «العرضة العميرية» التي تختص بمناطق القرى في الكويت لاسيما أهل الفنطاس وهي مزيج مركب من العرضة النجدية والعرضة البحرية مضافاً إليها «الطويسات».ولفت إلى أن غالبية المصادر تشير إلى أن «فرقة الفنطاس الشعبية» كانت تؤدي العرضة العميرية التي يجتمع فيها ثلاثة طبول مع «الطارات».وأضاف أن الرجال ينقسمون فيها إلى مجموعة «الطارات» التي تؤدي ضربات العرضة النجدية ومجموعة الطبل البحري الخماري التي تؤدي ضربات العرضة البحرية ومجموعة الطبل النصيفي الخماري التي تؤدي ضربات العرضة النجدية البرية ومجموعة «الطبل اللاعوب» في العرضة البحرية ومجموعة «الطويسات» التي تؤدى بضربة عند بداية كل «مازوره» أو وقع ايقاعي.وذكر الهباد أن من أشهر فرق العرضة في الكويت فرقة «الرندي» نسبة إلى مؤسسها عبدالعزيز سليمان الرندي التي أسست في ثلاثينات القرن الماضي وكان مقرها في منطقة المرقاب وقد شاركت ولا تزال في العديد من المناسبات الوطنية والاجتماعية وفي الأعياد.وأشار إلى أن مصطلح العرضة العميرية في الكويت يتوافق مع ما هو موجود في دولة قطر من عرضة تعرف أيضاً بالعرضة العميرية وهناك أيضاً العرضة البحرية إلى جانب وجود عرضة «الرزيف» التي ترتكز على نوعين من الأداء الأول عرضة خاصة بالوقوف والنوع الثاني خاص بالمشي.وعن فن العرضة في دولة الإمارات العربية المتحدة بين الدكتور الهباد أن من أبرز أنواعه عرضة «العيالة» وهي فن يعتمد في أدائه على الاستعداد والإقدام للحرب ومواجهة العدو.وأوضح أن النوع الآخر هو عرضة «الرزيف» أو «الحربية» وتعد من الفنون الشعبية العريقة في الإمارات وتشتهر بها قبائل «الشحوح» وهي رقصة الشجاعة بالسيوف والبنادق واستعراض مهارات وشهامة ابن الإمارات وإقدامه بتفاني وإخلاص في الدفاع عن عشيرته وقومه.وأضاف أن الإمارات تشتهر أيضاً بفن «الرزحة» وهو من الفنون الحماسية التي تؤدى في حالة المسير إذ ينقسم المشاركون إلى صفين كل منهم خلف الآخر وفي حالة زيادة عدد المشاركين يتم تكوين أربعة صفوف متتالية.وتابع أن ضاربي الطبول يتوزعون بين الصفوف وغالباً ما يكونون في الوسط حيث يردد المشاركون في هذه المسيرة الأشعار الحماسية.وذكر الهباد أن العرضة في سلطنة عمان تختلف اختلافاً كلياً عن مثيلاتها في دول الخليج العربية من حيث الوظيفة والغرض فتسمى «ركض العرضة» ويطلق عليها أيضاً «الحشمة» وتؤدى عند منافسات الإبل أو الخيول.أما في مملكة البحرين فقد أشار إلى ما ذكره الشيخ سليمان بن محمد بن علي آل خليفة في لقاء معه بالقول «أنه لا يوجد توثيق محدد لتاريخ العرضة في البحرين ولكن من المؤكد أنها دخلت مع آل خليفة إلى البحرين عام 1783 وموطنها الأصلي نجد».