هل تنجح أميركا في تأمين احتياجاتها من الليثيوم رغم القبضة الصينية؟
تراجعت أسعار الليثيوم في الآونة الأخيرة، مما أضر بمجموعة من شركات التعدين التي تريد كسر هيمنة الصين على إنتاج المعدن المستخدم في صناعة البطاريات الكهربائية، ويهدد بدوره صناعة السيارات في ظل ثورتها بعيداً عن الوقود الأحفوري.وفي ضوء التصعيد في الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، يخشى الكثيرون من تحكّم بكين في أسواق المعادن الاستراتيجية كالليثيوم والكوبالت لاسيما أنها استحوذت فعلاً على أنشطة تعدينية واسعة في دول كالكونغو الديمقراطية.وحال التلاعب في أسعار أو تعطيل إمدادات الليثيوم، سيؤدي ذلك إلى تضرر صناعة السيارات الكهربائية بأميركا خصوصاً أن شركات مثل "تسلا" و"جنرال موتورز" تستهدف إنتاج المزيد من المركبات العاملة بالبطاريات محلياً في حين تحاول شركات تعدين صغيرة تأمين الإمدادات من المعدن.
صعوبات التعدين
- يشكل تعدين الليثيوم تحدياً أمام الشركات نتيجة القيود البيئية والقواعد التنظيمية الصارمة في الولايات المتحدة التي لا تتحكم سوى في 1.2 في المئة من الإنتاج العالمي للمعدن.- بدأت شركات التعدين تواجه صعوبات في جمع تمويل للتوسع في أنشطتها فضلاً عن انخفاض سعر الليثيوم حالياً - رغم توقعات بارتفاع كبير في سعره بحلول عام 2023 - إضافة إلى صعوبات المنافسة مع شركات رئيسية تمتلك أنشطة في أستراليا وتشيلي والصين.- يستغرق إنشاء مناجم لتعدين الليثيوم من ثلاثة إلى خمسة أعوام مع ضرورة استمرار تدفق الاستثمارات في مشروعات جديدة لسد فجوة المعروض من المعدن في أميركا مستقبلاً.- تنتج أميركا 186.3 ألف طن متري فقط من الليثيوم مقارنة بإنتاج تشيلي الذي يقدر بحوالي 42.6 مليون طن وإنتاج أستراليا المقدر بـ14.4 مليون طن، وتوجه غالبية هذا الإنتاج إلى الصين.- تحاول الشركات الأميركية الحصول على تمويل لاستمرارية عملها وخفض تكاليف الإنتاج من أجل تثبيت أقدامها في مواجهة الدول الرئيسية حيث تحاول الاستعانة بالتكنولوجيا.الأمن القومي
- في يونيو، حذرت وزارة التجارة الأميركية من ضعف إمدادات البلاد من المعادن الاستراتيجية كالليثيوم واليورانيوم والكوبالت كما طالبت بتأمين إمداداتها من تلك المعادن لعدم الإضرار بصناعاتها.- ألمحت بكين إلى إمكانية فرض قيود على تصدير المعادن الاستراتيجية مما يعني احتمالية وقوع واشنطن بين فكي التنين الصيني.- تحدثت وزارة التجارة عن تعاون وثيق مع حلفاء أميركا لتأمين احتياجاتها من المعادن الاستراتيجية بعيداً عن الهيمنة الصينية.- لا يوجد نقص في المعروض العالمي من الليثيوم حالياً، وهذا ما يسهم في ضعف أسعاره، كما أن هناك خططاً أميركية لزيادة تعدينه وتلبية طلب شركات السيارات الكهربائية في المستقبل.- في الوقت نفسه، يعمل باحثون على تطوير بطاريات الليثيوم بل البحث عن بدائل من معادن متوفرة بكثافة دون الحاجة إلى تأمين احتياجات سلعة استراتيجية.- يعكف باحثون على تطوير بطاريات الألمنيوم كبديل أرخص تكلفة ومتوفر وأكثر استدامة عن الليثيوم مع الأخذ بعين الاعتبار أن الألمنيوم متوفر كثيراً حول العالم، فضلاً عن تميزه بخفة الوزن مما يقلل من وزن السيارات بالتبعية.- أكد علماء من السويد وسلوفينيا على اكتشاف طريقة يمكن بواسطتها تصنيع بطاريات الألمنيوم بتكلفة إنتاجية أقل وأثر بيئي غير ضار.محاولات مستمرة
- تحاول شركات التعدين الحصول على الموافقات التنظيمية المطلوبة وتأمين التمويل اللازم لتعدين الليثيوم وبيعه لشركات صناعة البطاريات كما تحتاج في نفس الوقت لإثبات قدرتها على تأمين المطلوب باستمرار وبجودة عالية.- يتزامن ذلك مع هيمنة الشركات الكبرى - مثل "إس كيو إم" و"جانفينج" و"تيانكي" - على سوق الليثيوم وإمكاناتها في خفض التكاليف وخدمة العملاء والوصول إلى أكبر عدد منهم.- يتوقع محللون تعرض صناعة الليثيوم لهزة قوية في المعروض خلال العقد القادم بفعل الطلب القوي على المعدن من جانب صناعة السيارات وربما غيرها من الصناعات.- في تلك الحالة، تحتاج أميركا للتحرك سريعاً من أجل تأمين احتياجاتها من الليثيوم والعمل على دعم الشركات التعدينية الصغيرة في مواجهة الكبار من دول على رأسها الصين.