وثيقة لها تاريخ : صاحب «تحفة المشتاق» و«الدليل المفيد» بن بسام أديب ومؤرخ وتاجر مقيم في الهند
مقال اليوم هو الثالث حول وصية عبدالله محمد العبدالعزيز البسام، رحمه الله، التي كتبها بخط يده في عام 1346هـ/ 1928م، والتي عثرت على نسخة منها في الأرشيف البريطاني، من خلال مكتبة قطر الرقمية. قد يسأل سائل: لماذا وصلت الوصية إلى المعتمد البريطاني في الكويت؟ والجواب في اعتقادي، هو أن ورثة صاحب الوصية عبدالله البسام احتاجوا إلى تصديق من القنصلية البريطانية في الكويت على الوصية، لمتابعة تنفيذ ما ورد فيها، فتم نسخها بنصها الكامل، والمصادقة عليها من عدة أطراف موثقة في ورقة مُلحقة بالوصية، وهذه الأطراف هي:- سليمان، ابن صاحب الوصية عبدالله البسام.
- الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي (ناقل نص الوصية).- الشيخ صالح العثمان، القاضي في عنيزة. - عبدالله بن حمد النفيسي (الوكيل السعودي بالكويت). - المعتمد البريطاني في الكويت.- ورد اسم أمير عنيزة عبدالله الخالد السليم.ورغم أن الوصية (من صفحتين) طويلة ومفصلة، وتضم معاني جميلة، فإنني لن أستعرض بقيتها، حيث إن ما تناولته مسبقاً يكفي لتوضيح مضمونها ومعانيها، وبدلاً من ذلك سنتحدث اليوم عن تاريخ كاتب الوصية عبدالله محمد العبدالعزيز البسام. وُلد رحمه الله في بلدة عنيزة عام 1275هـ / 1859م، وتوفي فيها عام 1346هـ/ 1930م، كما ورد في ترجمة مفصلة له بكتاب "أدباء نجد في ثمانية قرون" للشيخ عبدالله بن عبدالرحمن البسام. قُتل والده، محمد العبدالعزيز البسام، في إحدى المعارك، ولم يكن عُمر صاحب وثيقتنا التي نحن بصددها قد تجاوز أربعة أعوام، لكنه وإخوته الثلاثة نجحوا في التجارة، وكانت لهم نشاطات واسعة امتدت من عنيزة إلى جدة والبصرة والهند. عاش في الهند سنوات عديدة للتجارة، وكان محباً للقراءة ميالاً للمطالعة، حريصاً على التوثيق، وقام بتأليف عدة كتب، منها كتابه الشهير "تحفة المشتاق في أخبار نجد والحجاز والعراق"، ومنها "الدليل المفيد لمن هو للدين والدنيا مريد"، وهو كتاب أدبي اهتم بمجموعة من القصائد والحكم من التاريخ العربي. وله كذلك مجموعة من الكراريس الصغيرة المخطوطة دوَّن بها معلومات منوَّعة تاريخية وأدبية. قضى سنواته الأخيرة من عُمره يتردد ويعمل بيده في بستان أسرته المسمى "المهيرية"، والذي أشار إليه في وصيته التي تناولناها بالمقالين السابقين. وتحتوي المهيرية على أشجار النخيل والفاكهة، ويوجد بها بئر عذبة حفرها بنفسه، بعد أن تحوَّلت مياه البئر السابقة إلى مياه مالحة. التقاه المؤرخ الرحالة أمين الريحاني، واستعان به في معرفة تاريخ نجد ومدنها. ويُعد عبدالله البسام في ذلك الوقت من أعيان عنيزة ونجد، وكان الكثير من العلماء والأدباء والأمراء يترددون عليه ويحرصون على مجالسته والحديث معه.