"مرحبا بالضغوط، فهي تحفزني"... هذه الكلمات التي أطلقها القطري معتز برشم قبل يومين من نهائي مسابقة الوثب العالي، عاشها حقيقة وطبقها على المضمار في طريقه الى إحراز ذهبية المسابقة والاحتفاظ بلقبه العالمي في بطولة العالم على أرضه.

وأحرز برشم ذهبية مسابقة الوثب العالي، مسجلاً 2.37 متر.

Ad

وتفوق برشم على الروسيين ميخائيل اكيمنكو (2.35 م) وايليا ايفانيوك (2.35 م بفارق المحاولات)، وكلاهما يخوض البطولة تحت علم محايد بسبب ايقاف الاتحاد الروسي لألعاب القوى على خلفية فضيحة التنشط الممنهج في البلاد.

كانت الضغوط كبيرة على الولد الذهبي لقطر بعدما فشل في أول محاولتين له على ارتفاع 2.33 م، وحبس الجمهور المحلي الذي قدم بأعداد غفيرة الى استاد خليفة الدولي، أنفاسه ومعه كل القطريين لدى قيام برشم بمحاولته الأخيرة التي لو فشل فيها لكان خرج خالي الوفاض.

لكن "الصقر"، اللقب الذي يطلق محليا على ابن الثامنة والعشرين عاما، كان على الموعد وسط حماس منقطع النظير وهتافات "برشم، برشم، برشم".

منحت تلك القفزة برشم جرعة معنوية هائلة، فقفز على ارتفاع 2.35 م من محاولته الأولى وكذلك فعل منافساه الروسيان ميخائيل اكيمنكو وايليا ايفانيوك، ثم على علو 2.37 م من محاوله الاولى وبسهولة ايضا من دون أن يتمكن من ذلك منافساه في ثلاث محاولات لكل منهما.

كانت الأشهر الـ14 الماضية صعبة جداً على برشم. فبعد تتويجه بطلا للعالم في نسخة لندن 2017، واختياره كرياضي العام في العام ذاته من جانب الاتحاد الدولي لألعاب القوى في حفله السنوي الذي يقيمه في أواخر نوفمبر من كل عام، كان عام 2018 كابوساً حقيقياً بالنسبة الى خريج أكاديمية اسباير في الدوحة.

فقد تعرض لإصابة خطيرة في أربطة الكاحل عندما حاول تحطيم الرقم القياسي للكوبي خافيير سوتومايور الصامد منذ عام 1993 (2.45 م).

كان برشم يحاول تخطي ارتفاع 2.46 م في لقاء غيولاي المجري الشهير. في محاولاته الأولى كان قريبا من تحقيق هذا الانجاز، لكن محاولته الثانية شهدت تعرضه لإصابة خطيرة بقطع في أربطة الكاحل خضع بعدها لعملية جراحية كانت ستبعده من ثلاثة الى أربعة أشهر عن الملاعب، لكن الاصابة تفاقمت ولم يعد إلا في أبريل 2019.

ويقول برشم عن تلك اللحظة: "قبل ساعات كنت أقوم بمحاولة تحطيم الرقم القياسي، وبعد ساعات لم أكن قادرا على المشي".

وأقر الجمعة بعد فوزه بالذهبية واحتفاظه بلقبه العالمي، بأن إصابته في العام الماضي "كادت تنهي مسيرتي. بدأت أطرح على نفسي أسئلة ما اذا كنت سأقفز مجددا".

عاود برشم التمارين في ابريل الماضي، وحاول المشاركة في بطولة آسيا التي استضافتها بلاده في أواخر الشهر ذاته، لكنه عدل عن ذلك لأن مدربه البولندي ستانيسلاف تشيشيربا والجهاز الطبي فضلا عدم المجازفة في انتظار الهدف الأسمى: بطولة العالم 2019 في الدوحة.

حقق برشم عودة ناجحة باجتيازه ارتفاع 2.27 م في لقاء سوبوت البولندي محرزا المركز الأول، قبل أن يحل في المركز الثاني في لقاء لندن الماسي مع قفزة بالرقم ذاته في يوليو.

لكن برشم اكتفى بالمركز العاشر في نهائي الدوري الماسي في زيورخ.

تحد كبير

كان التحدي كبيرا أمامه في الدوحة لاحتفاظ بلقبه وسط منافسة شديدة، لكنه اكتسب جرعة ثقة عالية عندما حقق أفضل رقم في التصفيات مع 2,29 م لينتزع بطاقة التأهل للنهائي ثم الذهبية.

وبعد تتويجه في النهائي حمل برشم المذياع شاكرا الجماهير التي تقدمها أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، للمساندة القوية التي حظي بها.

وقال: "بالنسبة إلي، ما تحقق هو حلم. أن افوز باللقب العالمي على أرضي هو أمر مدهش. الجميع كان هنا، عائلتي، أصدقائي، أمير البلاد".

وحظي برشم بتهنئة أمير قطر الذي تابع منافسات اليوم الثامن مباشرة بعد السباق، وأثنى على جهوده. وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي صور عناق حار بين الرجلين مع ابتسامة عريضة لكل منهما.

وعزز برشم رصيده من الميداليات في البطولات الكبرى، والذي بات يضم حاليا ذهبيتين في بطولة العالم، إضافة إلى برونزية أولمبياد لندن 2012، وفضية أولمبياد ريو دي جانيرو 2016.

بعد بطولة العالم، يضع برشم بطبيعة الحال نصب عينيه دورة الألعاب الأولمبية في طوكيو في صيف 2020، حيث يأمل تحقيق الذهب بعد برونزية لندن 2012 وفضية ريو دي جانيرو 2016.

ونشر رسام الكاريكاتير القطري محمد عبداللطيف رسما لبرشم وهو "يقفز" من فرشة الى أخرى، كتب على الأولى "لندن 2017"، والثانية "الدوحة 2019"، ويقترب من الثالثة "أولمبياد طوكيو".

وقال برشم بشأن طموحاته "أنا سعيد بما وصلت إليه، والآن بدأت التفكير في المستقبل".