العراق: «الحشد» وخامنئي يعلنان فشل «مؤامرة» التظاهرات

الجيش ينسحب من مدينة الصدر بعد اشتباكه مع «سرايا السلام»... وقيادته تقر بتجاوزات
عبدالمهدي لبومبيو: الأمور عادت إلى طبيعتها
لافروف يحيي في بغداد «صفقات التسلح»
● صفوي: سنشارك في «الأربعينية» حتى لو أمطرت السماء رصاصاً
● خوف بعد «غزوة الفضائيات»

نشر في 08-10-2019
آخر تحديث 08-10-2019 | 00:05
متظاهرون عراقيون في بغداد أمس الأول (أ ف ب)
متظاهرون عراقيون في بغداد أمس الأول (أ ف ب)
رغم تراجع التظاهرات المطلبية، التي لم تخل من نكهة سياسية في العراق، كادت الأمور تنزلق إلى اقتتال، بعد أن تصدى مسلحون موالون للتيار الصدري لقوات أمنية هاجمت متظاهرين في ضاحية الصدر ببغداد.
سياسياً، بدا أن رئيس الحكومة عادل عبدالمهدي استعاد توازنه، معتمداً هذه المرة بشكل كامل على حلفاء طهران العراقيين، بعد ارتباك في صفوف "التيار السيادي".
أعلن رئيس هيئة "الحشد الشعبي" العراقي فالح الفياض، الذي يشغل أيضا منصب مستشار الأمن القومي، أمس، أن "مخطط إسقاط النظام فشل" في البلاد، في إشارة الى التظاهرات التي خرجت الاسبوع الماضي، رافعة مطالب اجتماعية بالدرجة الأولى، دون أن تخلو من نكهة سياسية مناهضة للنفوذ الايراني في العراق ولحلفاء طهران المحليين.

وفيما بدا أنه تلويح باستخدام مزيد من القوة إذا أصر المتظاهرون على تحركاتهم، قال الفياض في مؤتمر صحافي ببغداد، إن فصائل "الحشد" التي تعتبر مقربة من طهران، جاهزة للتدخل لمنع أي "انقلاب أو تمرد" إذا طلبت الحكومة ذلك.

ورأى أن "هنالك من أراد التآمر على استقرار العراق ووحدته"، مشيراً الى التظاهرات التي اندلعت خلال الايام الماضية، والتي سقط فيها أكثر من 120 قتيلا معظمهم من المدنيين، وألقت السلطات اللوم بذلك على "مندسين".

وأكد أن "الحشد" يريد "إسقاط الفساد لا إسقاط النظام"، في رد على شعارات المتظاهرين خلال أسبوع من الاحتجاجات الدامية، مضيفاً "نحن نعلم من يقف وراء بعض المتسللين إلى هذه التظاهرات. لدينا أسماء وتصورات ومعلومات سنعرضها في الوقت المناسب".

وأضاف أن القوات المسلحة بعيدة عن أي خلاف سياسي في العراق، مشدداً: "القوات المسلحة والأمنية تدافع عن الدستور وعن دولة بنيناها بالدماء والتضحيات ولا علاقة لها بالسياسة".

وشدد على أنه "سيكون هناك قصاص عادل ورادع لمن أرادوا بهذا البلد شرا، ولا يمكن التساهل مع المتآمرين"، وتابع: "نقول للأعداء والمتآمرين إن سعيهم سيخيب وقد خاب".

خامنئي

قبيل ذلك، اعتبر المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي أن "مؤامرة الاعداء" لدق إسفين بين طهران وبغداد فشلت، مشيرا على ما يبدو الى الشعارات المناهضة للنفوذ الايراني في العراق.

وقال خامنئي، عبر "تويتر"، إن "إيران والعراق شعبان ترتبط قلوبهما وأرواحهما، وسوف يزداد هذا الارتباط قوةً يوماً بعد يوم"، مضيفاً أن "الأعداء يسعون للتفرقة بينهما، لكنهم عجزوا ولن يكون لمؤامرتهم أثر".

وفي تطور آخر، أعلنت قيادة العمليات المشتركة، أمس، ان رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي وجه بسحب قطعات الجيش من مدينة الصدر، وذلك غداة اشتباكات عنيفة في هذه الضاحية التي يسكنها أكثر من 3 ملايين نسمة، وفيها نفوذ تاريخي للتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر. وأشارت تقارير إلى أن عناصر من "سرايا السلام" التابعة للصدر تصدوا بشكل منفرد وبأسلحة متوسطة للجيش، بعد اعتداء على متظاهرين مدنيين أسفر عن مقتل أكثر من 18 شخصاً.

وقالت القيادة، في بيان، إن "رئيس مجلس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة عادل عبد المهدي وجه بسحب كل قطعات الجيش من مدينة الصدر واستبدالها بقطعات الشرطة الاتحادية".

وأقرت القيادة، في بيانها، بوجود استخدام مفرط للقوة، وقالت إن قرار عبدالمهدي "جاء نتيجة الأحداث التي شهدتها مدينة الصدر وما حصل من استخدام مفرط للقوة وخارج قواعد الاشتباك المحددة".

وتابعت ان "إجراءات محاسبة الضباط والآمرين والمراتب الذين ارتكبوا هذه الأفعال الخاطئة بدأت من خلال مجالس تحقيقية فورية"، مطالبة جميع القوات الامنية بالالتزام التام بقواعد الاشتباك الخاصة بحماية المتظاهرين ومكافحة الشغب.

وزير الدفاع

من ناحيته، أكد وزير الدفاع العراقي نجاح الشمري، أن «الوضع الأمني في عموم العراق جيد، وفي بغداد جيد جداً، وأن قواتنا لن تتهاون مع من يريد إحداث الشغب والفوضى»، مضيفا: «تم التوجيه بتغيير القيادة العسكرية بمدينة الصدر بعد إجراء تحقيق وتقديم المقصرين أمام المحاكم».

على المستوى السياسي يسود صمت تام من القوى السياسية، خصوصا تلك التي بادرت الى اطلاق مواقف عالية اللهجة على ذروة التظاهرات الشعبية. وكان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر دعا الى استقالة الحكومة والى اجراء انتحابات مبكرة، وأيده في هذا المطلب زعيم "ائتلاف النصر" رئيس الحكومة السابق حيدر العبادي. وفي حين أفادت معلومات بأن عبدالمهدي سيعلن اليوم حزمة جديدة من الاصلاحات بعد حزمة الـ 17 بندا، لم يتضح بعد إذا كانت كتلة "سائرون" التي يرعاها الصدر ستعود الى البرلمان بعد أن علقت عضويتها فيه الى حين اتخاذ الحكومة اجراءات اصلاحية ملموسة.

وبدا ان عبدالمهدي لا يزال يتمتع بدعم من الكتلة الاكبر بالبرلمان، وهي الكتلة التي تضم "تحالف الفتح" بزعامة هادي العامري والمتحالفة مع قوى سنية وكردية.

وحصل عبدالمهدي على دعم مبدئي من واشنطن، إذ أعرب وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في اتصال هاتفي به عن ثقته بالقوات العراقية، مؤكدا "موقف الولايات المتحدة الداعم للعراق ولجهود الحكومة بتعزيز الأمن والاستقرار".

في المقابل، استعرض عبدالمهدي مع بومبيو "تطورات الأوضاع الأمنية وعودة الحياة الى طبيعتها بعد رفع حظر التجوال".

وأكد عبد المهدي "سيطرة القوات الأمنية وإعادة الاستقرار، وتقديم الحكومة حزمة من الإصلاحات والإجراءات واستمرارها في تقديم المزيد منها في الأيام المقبلة لتلبية مطالب المواطنين".

لافروف

الى ذلك، أجرى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أمس زيارة شديدة الأهمية في توقيتها لبغداد. وأكد لافروف في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره العراقي محمد علي الحكيم لدى وصوله الى العاصمة العراقية أن روسيا، التي تعد ثاني أكبر مصدر للأسلحة في العالم، ستقوم بتنفيذ عقود توريد الأسلحة إلى العراق.

وأفادت تقارير بأن حلفاء طهران في العراق يدفعون باتجاه شراء بغداد انظمة دفاع جوية روسية للتخلص من الاعتماد العسكري على واشنطن.

صفوي: سنشارك في «الأربعينية» حتى لو أمطرت السماء رصاصاً

رأى مستشار المرشد الإيراني علي خامنئي للشؤون العسكرية اللواء يحيى صفوي أن "أحداث العراق الأخيرة، هدفها إخافة الناس من المشاركة في مراسم الأربعينية" الحسينية التي تجري بعد أيام.

ووسط خلاف إيراني داخلي بشأن السماح للزوار بالعبور إلى العراق، شدد صفوي على أن "هذه الأحداث لن تخيف الزوار، الذين لن يترددوا في المشاركة حتى لو أمطرت السماء حجراً ورصاصاً".

إلى ذلك، أعلنت سفارة إيران في العراق إلغاء تأشيرات الدخول للرعايا العراقيين الراغبين في زيارة إيران حتى نهاية العام الحالي.

وقالت السفارة، في بيان لها أمس، إنه بإمكان المواطنين العراقيين زيارة إيران من تاريخ 24 أكتوبر حتى 27 دیسمبر المقبل، من دون أخذ التأشيرة من ممثليات إيران في العراق.

وأعربت السفارة، عن أملها، أن "يساهم مثل هذا الإجراء في تعميق وتوطيد العلاقات بين الحكومتين والشعبين الصديقين الشقيقين أكثر فأكثر، وأن يمهد الطريق لإلغاء التأشيرات بين البلدين بشكل دائم".

في سياق متصل، أعرب القائم بأعمال السفارة الإيرانية في بغداد، موسى طباطبائي، عن "تقدير الجمهورية الإسلامية للحكومة والشعب في العراق، لاستضافة زوار الإمام الحسين خلال موسم الزيارة الأربعينية، بأمل أن يكون هذا تمهيدا لإلغاء التأشيرات بشكل دائم بين البلدين" ويسمح العراق للإيرانيين بالدخول إلى أراضيه خلال مراسم الأربعينية من دون تأشيرات.

خوف بعد «غزوة الفضائيات»

أثارت سلسلة هجمات وتهديدات شملت وسائل إعلام عدة في العراق، قلق الأمم المتحدة ومنظمات دولية وصحافيين وناشطين، يطالبون الحكومة بمنع "إسكات" الإعلام الذي يقوم بتغطية الاحتجاجات.

وعززت عمليات الاقتحام التي وقعت نهاية الأسبوع، المخاوف من حيال حرية التعبير التي شملها أولاً إقدام السلطات على حجب الإنترنت تماماً، بعد انطلاق الاحتجاجات.

ومساء السبت الماضي، تعرضت قنوات "ان أر تي" الناطقة بالعربية، وقناة العربية- الحدث المملوكة للسعودية، وقناة "دجلة" المحلية لعمليات اقتحام وتخريب من مجهولين.

وقالت الممثلة الأممية في العراق هينيس- بلاسخارت، إنها "صدمت من التخريب- الترهيب الذي قام به مسلحون ملثمون"، مضيفة أن "المطلوب جهود حكومية لحماية الصحافيين. الإعلام الحر أفضل ضمانة للديمقراطية القوية".

وصرح مصدر أمني بأن قناة محلية أخرى، "النهرين"، قد تمت مداهمة مقرها وتدمير معداتها، إضافة إلى تلقي قناتي "هنا بغداد" و"الرشيد" تهديدات. ولا يزال موقع "ناس نيوز" حتى الآن خارج العمل بعد مداهمة مقره.

back to top