ترامب يتخلى عن أكراد سورية: سنترك هذه الحرب السخيفة

إردوغان: سندخل شرق الفرات في أي وقت
«قسد» تعد بحرب طويلة رغم «طعنة واشنطن»
● هل حذّرت طهران الأسد؟

نشر في 08-10-2019
آخر تحديث 08-10-2019 | 00:04
أكراد حول مدرعة أميركية خلال مظاهرة ضد تركيا أمس على مشارف رأس العين أمس الأول (أ ف ب)
أكراد حول مدرعة أميركية خلال مظاهرة ضد تركيا أمس على مشارف رأس العين أمس الأول (أ ف ب)
فاجأت القوات الأميركية حلفاءها في سورية وأخلت مواقعها من المنطقة الحدودية فاتحة الطريق أمام الجيش التركي لمهاجمة الوحدات الكردية المنتشرة بالمنطقة بدون سابق إنذار مما دفع الأمم المتحدة للاستعداد للأسوأ.
مع إعلان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن هجومه على الوحدات الكردية وقوات سورية الديمقراطية (قسد) سيبدأ في "أي ليلة وبدون سابق إنذار"، أفسحت واشنطن المجال أمامه أمس، لتنفيذ خطته بسحب قواتها من الشريط الحدودي مع سورية، في تطور دفع الأمم المتحدة لإعلان خطة طوارئ استعداداً للأسوأ.

وبضوء أخضر من الرئيس دونالد ترامب، أخلى الجيش الأميركي كامل عتاده وأسلحته من قاعدة تل أرقم في منطقة رأس العين في ريف الحسكة الشمالي الغربي وموقعين للمراقبة في المدينة ذاتها وفي تل أبيض بريف الرقة الشمالي.

وفي تأكيد لتحول سياستها البارز وتخليها الملحوظ عن حليفيها الرئيسيين في قتال تنظيم "داعش"، أبلغت واشنطن الوحدات الكردية و"قسد" أن القوات الأميركية لن تدافع عنهما في مواجهة الهجمات التركية في أي مكان.

وفي سلسلة تغريدات على "تويتر"، دافع ترامب عن قراره، مؤكداً أن "الأكراد قاتلوا مع الأميركيين لكنهم حصلوا على مبالغ طائلة وعتاد هائل مقابل مشاركتهم في محاربة تنظيم داعش في سورية، ومازالوا يقاتلون تركيا منذ عقود"، معتبراً أن مواصلة دعمهم مكلف جداً.

وشدد ترامب على أنه" آن الأوان للخروج من حروب قبلية لا نهائية وسخيفة وإعادة جنودنا إلى الوطن"، معتبراً أنه يتعين على الأطراف الضالعة في النزاع مثل تركيا وأوروبا وسورية وإيران والعراق وروسيا والأكراد تسوية الوضع الآن، وشدد على أن أميركا لن تدخل في أي حرب إلا دفاعاً عن مصالحها ولن تخوض قتالاً إلا إذا كانت ستنتصر فيه.

وقال ترامب: "قبل سنوات عدة كان من المفترض أن نكون في سورية لمدة 30 يوماً وأصبحنا أعمق وأعمق في المعركة بدون هدف في الأفق. وعندما وصلت لواشنطن، كان داعش يتفشى. وهزمنا خلافته بسرعة 100 في المئة وقبضنا على الآلاف من مقاتليه، معظمهم من أوروبا. لكن قادتها لم يسترِدوهمُ، وقالوا لي عليك أن تحتفظ بهم! فأجبتهم: لا، لقد قدّمنا لكم معروفاً والآن تريدون منا أن نحتجزهم بسجوننا وبتكلفة هائلة".

دخول إردوغان

وعقب مكالمة هاتفية اتفق فيها مع ترامب على عقد لقاء في واشنطن الشهر المقبل لبحث "المنطقة الآمنة"، قال إردوغان، في مؤتمر صحافي أمس، "يمكننا دخول سورية في أي ليلة بدون سابق إنذار. ومن غير الوارد على الإطلاق بالنسبة لنا التغاضي فترة أطول عن التهديدات الصادرة عن المجموعات الإرهابية".

وفي وقت سابق، أكد البيت الأبيض أن "تركيا ستمضي قريباً قدماً في عملية خططت لها طويلاً في شمال سورية والقوات الأميركية لن تنخرط فيها ولن تدعمها ولن تتمركز على الأرض مباشرة بعد أن هزمت خلافة داعش"، مؤكداً أن أنقرة "ستكون المسؤولة الآن عن جميع مقاتليه المعتقلين في العامين الماضيين بعد أن تخلت فرنسا وألمانيا وغيرهما من الدول الأوروبية عن إعادتهم لمواطنهم".

وفي حين دعا السناتور ليندسي غراهام إلى "العودة عن القرار" وإلا فإنه سيقدم مشروع قرار لمجلس الشيوخ لإلغاء خطة صديقه ترامب، أوضح مسؤول أميركي أن الانسحاب لن يشمل الكثير من القوات بل ربما العشرات فقط، وسيقتصر في بادئ الأمر على الجزء المخصص لإقامة المنطقة الآمنة.

آمال الأكراد

وبعد أن علّق الأكراد آمالاً على حليفتهم لردع أي هجوم محتمل، اتهمت "قسد" واشنطن بعدم الوفاء بوعودها وتمهيد "غزو القوات التركية".

وشددت "قسد" على أن "العملية التركية سيكون لها عواقب وخيمة على المنطقة بأسرها والأثر السلبي الكبير على محاربة داعش وستدمر كل ما تم تحقيقه من حالة الاستقرار خلال السنوات الماضية"، مبدية خشيتها من أن يسمح الهجوم "لخلايا" التنظيم بتحرير مقاتليه المعتقلين وأفراد عائلاتهم عدا عن "عودة قادته المتوارين في الصحراء"، في إشارة إلى البادية السورية مترامية المساحة.

واعتبر المتحدث باسم "قسد" كينو جبريل عدم تدخل القوات الأميركية "مفاجأة وطعنة بالظهر"، مشيراً إلى أن الحرب ستكون طويلة الأمد.

تحرك الأسد

وفي تطور لافت، أعلنت "قسد" أن قوات الرئيس بشار الأسد المدعومة من روسيا تستعد للتحرك نحو مدينة منبج بريف حلب، مؤكدة أن ذلك يُعتبر النتيجة الأولى لقرار الولايات المتحدة الانسحاب.

وشدد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو على أنه "منذ بداية الأزمة دعمنا وحدة أراضي سورية، وسنواصل القيام بذلك من الآن فصاعداً، وسنساهم في إرساء السلام والاستقرار فيها"، بينما تعهد مدير الاتصالات بالرئاسة التركية فخر الدين ألتون بتوفر الخدمات للمناطق، التي يتم السيطرة عليها من الوحدات الكردية.

استنفار وحشد

ووسط مخاوف شعبية، أفاد المرصد السوري بأن مناطق شرق الفرات تشهد استنفاراً كبيراً من "قسد" والمجالس العسكرية التابعة لها، مشيراً إلى أن فصائل المعارضة تنشط على الحدود وتواصل استعدادها للمشاركة بالعملية المرتقبة، بعد اندماجها في هيكل عسكري واحد قبل أيام بطلب من الحكومة التركية.

وفي إطار التحضيرات، أكدت وكالة "الأناضول" استكمال نحو ألفي مقاتل من فصائل "فرقة الحمزة" و"كتيبة سليمان شاه" دورة تدريبية في منطقة عفرين.

خطة طوارئ

وفي جنيف، قال منسق الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة بانوس مومسيس: "لا نعرف ماذا سيحصل ونستعد للأسوأ".

وبينما عارض الاتحاد الأوروبي حل الأزمة بالطرق العسكرية، طالب المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف بضرورة الحفاظ على وحدة الأراضي السورية، مؤكداً أن تركيا تشاطر موسكو نفس الموقف وتأمل أن تلتزم بهذا في جميع الظروف، ومشدداً على ضرورة رحيل كل القوات العسكرية الأجنبية الموجودة بشكل "غير قانوني" من سورية.

هل حذّرت طهران الأسد؟

زعم المساعد الخاص لرئيس البرلمان الإيراني للشؤون الدولية أمير حسين عبداللهيان، أن المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي حذّر الرئيس السوري بشار الأسد، في بداية الحرب الأهلية السورية، من المساس بشعبه، الأمر الذي أثار تساؤلات، نظرا الى الدعم الكبير الذي قدّمته إيران للأسد.

ووفق عبداللهيان، فإنه في بداية الانتفاضة الشعبية ضد حكم حزب البعث، طلب خامنئي من قائد "فيلق القدس" قاسم سليماني، الذهاب إلى سورية، وإخبار الأسد بأن الشعب السوري هو خط أحمر بالنسبة إلى إيران، التي دعمته منذ بداية الثورة سياسياً واقتصادياً، وعسكرياً عبر حشود من الميليشيات أبرزها "حركة النجباء" و"فاطميون" و"حزب الله".

وبحسب وكالة "فارس"، أشار عبداللهيان إلى أن "القضية السورية مهمة للغاية بالنسبة لإيران، لكن نيّة خامنئي أن قتل مظلوم فيها هو خط أحمر".

back to top