«تشريعية تونس»: الإسلاميون يحافظون على مواقعهم

حزب القروي يحل ثانياً و«النداء» يتلاشى... وسيناريوهات معقدة بانتظار تشكيل الحكومة

نشر في 08-10-2019
آخر تحديث 08-10-2019 | 00:04
مؤيدون للنهضة يحتفلون في العاصمة التونسية أمس الأول (رويترز)
مؤيدون للنهضة يحتفلون في العاصمة التونسية أمس الأول (رويترز)
أظهرت نتائج رصدتها مؤسسات الاستطلاع أن الانتخابات التشريعية التونسية أسفرت عن تحقيق حزب النهضة الإسلامي تقدماً طفيفاً بحصوله على 40 مقعداً، في حين حصل حزب المرشح الرئاسي المسجون نبيل القروي على 33 مقعداً، وتلاشى حزب «نداء تونس» صاحب الكتلة البرلمانية الأكبر في الانتخابات الماضية.
في نتيجة تنذر ببرلمان مشتّت وصعوبات كبيرة تعترض طريق تشكيل ائتلاف حكومي، أفادت مؤسسات استطلاع الآراء في تونس، أمس، بإحراز حزب «النهضة» تقدماً طفيفاً في الانتخابات التشريعية التونسية التي أجريت، أمس الأول، على حساب منافسيه وخاصة حزب «قلب تونس»، بزعامة المرشح الرئاسي الموقوف نبيل القروي الذي أعلن أمس تفضيله الجلوس بمقاعد المعارضة على التحالف مع الحزب الإسلامي.

وأظهر استطلاعا رأي لمؤسستين تونسيتين أن «النهضة» ستحصل على 40 مقعداً و«قلب تونس» على ما بين 33 و35 مقعداً، في البرلمان المكوّن من 217 نائباً.

وحلّ ثالثاً بحسب الاستطلاعين «ائتلاف الكرامة» برئاسة المحامي المحافظ سيف الدين مخلوف، الذي سيحصل على ما بين 17 و18 مقعداً.

وأسفرت النتائج غير الرسمية عن تلاشي حزب «نداء تونس»، الذي أسسه الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي، بحصوله على مقعد واحد، بعد أن كان يمتلك الكتلة الأكبر في البرلمان السابق.

ووضعت النتائج الأولية غير الرسمية، القوى السياسية أمام مأزق، تبدو حياله عملية تشكيل حكومة جديدة أمراً يستدعي خيارات شاقة وتحالفات «مرة».

أيادي «النهضة»

وبدا أن أمام «النهضة» مهمة صعبة جدا في تشكيل تحالف حكومي، إذ إنّ الحركة بحاجة إلى أغلبية 109 نواب.

وقال الناطق الرسمي باسم الحركة عماد الخميري إنّ نتائج الانتخابات التشريعية أثبتت أنّ «النهضة حافظت على قواعدها ومنخرطيها وصمدت منذ الانتقال الديمقراطي عكس عدّة كيانات سياسية وأحزاب اندثرت واختفت من الساحة السياسية».

وأضاف «النهضة تلقت رسالة الشعب ومطالبهم المتمثلة في مقاومة الفقر والتهميش والتشغيل وليس الهوية. لهذا سنعمل على هذه النقاط وسننخرط في المعارك القادمة مع كل القوى التي تقاسمنا نفس الرؤى والبرامج».

وتوقع الخميري أنّ تفوز النهضة بأكثر من 50 مقعداً نيابياً بعد الإعلان عن النتائج النهائية.

وأشار الناطق الرسمي باسم الحركة إلى أنّه سيتمّ فتح حوارات ونقاشات مع كل الأطراف، «ومن سنلتقي معهم في برامجهم لحماية الديمقراطية وتعزيز أركان الدولة ومحاربة الفساد وتوفير الكرامة للتونسيين. سنمد أيدينا للخيّرين وسنحاول تجاوز الصعوبات التي تطغى على المشهد السياسي الحالي».

وفي أوّل تعليق له على النتائج، أكد زعيم «النهضة» راشد الغنوشي أن الحركة بـ«حاجة إلى شركاء لتشكيل الحكومة القادمة»، وبدأ لهذا الغرض في مغازلة معارضيه، خاصة «قلب تونس»، إلا أن عدة أحزاب أكدت أن «التحالف مع الحركة الإخوانية في الأيام المقبلة سيكون أمرا مستحيلا».

وكانت «النهضة» فازت بأغلبية مقاعد البرلمان في انتخابات 2011 ونالت 89 مقعدا، ودخلت الحكم، لكنها خرجت منه بعد أزمة سياسية في البلاد اشتدت أواخر 2013.

رفض ومظلومية

في المقابل، أكد مدير الحملة الانتخابية لـ«قلب تونس» أسامة الخليفي أنّ حزبه، الذي يصف سياسته بالوسطية، سيكون ملتزماً بالوعود الانتخابية التي قدمها، معلناً أنه في حال تحصل الحزب على المرتبة الأولى فإنه لن يتحالف مع «النهضة»، وفي حال تحصل على المركز الثاني فسيكون في المعارضة.

ورفض الجزم بأن «النهضة» هي الأولى، «لأن عمليات احتساب الأصوات مازالت متواصلة ولدينا 15 ألف مراقب، وما تلقيناه من معلومات لا يتطابق مع ما تم الإعلان عنه، لذلك نحن ننتظر النتائج النهائية وثقتنا كبيرة في هيئة الانتخابات».

وأوضح أن حزبه يرفض التحالف مع النهضة «لا بسبب الخلاف حول الهوية، بل الخلاف معها يتمحور حول المشروع، نحن لا نريد تقاسم المناصب بل نريد الدفاع عن حق التونسي، كما أن رئيس حزبنا مسجون سياسي ومظلوم في عهدهم».

وحول التحالفات الحزبية الممكنة، قال إن «قلب تونس منفتح على الأحزاب التي تشاركه التوجهات والرؤى ذاتها، على غرار الحزب الدستوري الحر، ومستقلين وقوى أخرى وتحيا تونس».

«الكرامة» وسعيد

من جانب آخر، برز «ائتلاف الكرامة» الذي حل ثالثا بالنتائج الأولية كداعم للمرشح الأوفر حظاً للفوز بالدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية، التي تجرى الأحد المقبل، أستاذ القانون الدستوري المستقل قيس سعيد.

وظهر حزب «ائتلاف الكرامة» كمنافس قوي على مقاعد البرلمان، بعدما احتل رئيسه المحامي سيف الدين مخلوف مرتبة متقدمة في الدورة الرئاسيّة الأولى وحصد 4.3 في المئة من الأصوات.

وتضمّ قوائم «ائتلاف الكرامة» مرشّحين محافظين، كانوا عبروا عن دعمهم لمتصدر الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية سعيد.

الدستوري و«الإخوان»

وتمكن «الحزب الدستوري الحر» لمؤسسته عبير موسى التي ترفع لواء الدفاع عن نظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، من تكوين قاعدة مكنتها من نيل 4 في المئة من الأصوات في الدورة الرئاسية الأولى.

وقالت عبير موسى، عقب ظهور نتائج الاستطلاعات «الدساترة (أنصار الحزب الدستوري) دخلوا التاريخ من الباب الكبير، ولأوّل مرة بعد ثورة 2011 مجلس نواب الشعب بحزبهم يحمل اسمهم وتاريخهم». وأكدت «لن أدخل في توافق مع الإخوان» في إشارة إلى «النهضة» وسنبقى في المعارضة.

من جهته، دعا حزب «التيار الديمقراطي»، الذي أظهرت النتائج حصوله على 14 مقعداً، إلى «تشكيل حكومة تكنوقراط غير حزبية».

إقبال مقبول

من جهتها، أعلنت الهيئة العليا للانتخابات أن نسبة المشاركة في الانتخابات بلغت 41.3 في المئة، في إقبال وصفه رئيس الهيئة نبيل بفون بـ«المقبول».

وأفاد بفون بأن نسبة الاقبال خارج تونس 16.4 بالمئة.

وهذه النسبة أقل من تلك التي سجلت في الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية، وكانت 49 في المئة، في بلد يزيد عدد ناخبيه على 7 ملايين ناخب.

ومساء أمس الأول، أعلن حزبا «النهضة» و»قلب تونس» فوز كلّ منهما في الانتخابات التشريعية، في استباق لإعلان النتائج الرسمية.

فوز شقيق القروي يثير إشكالات

فاز غازي القروي، المرشح للانتخابات التشريعية عن حزب «قلب تونس»، في دائرة محافظة بنزرت وضمن مقعداً في البرلمان المقبل، رغم صدور مذكرة جلب ضده في نفس القضية التي يقبع بسببها شقيقه المرشح الرئاسي نبيل القروي في السجن، والمتعلقة بغسل الأموال والتهرب الضريبي.

وبعد «العاصفة» التي أثارها ترشح نبيل للانتخابات الرئاسية ومروره إلى الدور الثاني الذي يتنافس فيه مع المرشح قيس سعيد، الأحد المقبل، واستمرار توقيفه في سجن المرناقية، ستجد السلطات التونسية نفسها أمام ملف جديد يتعلق بشقيقه غازي، مما قد يحرج القضاء والهيئة العليا المستقلة للانتخابات مع إثارة اشكالات قانونية.

«التيار الديمقراطي» يدعو إلى تشكيل حكومة «تكنوقراط» غير حزبية
back to top