وجّه الرئيس الأميركي دونالد ترامب ضربة شديدة لأكراد سورية بإصداره قراراً مفاجئاً بسحب قواته المنتشرة على الحدود التركية - السورية، فاتحاً الطريق أمام نظيره التركي رجب طيب إردوغان لشن هجوم توعد به مراراً لوقف نفوذ الأكراد الذين يسيطرون على منطقة واسعة شمال سورية.

وبهذا القرار، خلط ترامب كل الأوراق، معيداً إلى الأذهان حالة عدم اليقين التي أثارها قبل أشهر عندما أعلن نيته الانسحاب الكامل من سورية في أسرع وقت، قبل أن يعود ويتراجع عن هذا الأمر.

Ad

وفي «عاصفة تغريدات» صباحية بـ «تويتر»، قال ترامب: «آن الأوان للخروج من حروب قبلية لا نهائية وسخيفة»، مضيفاً: «كان من المفترض أن تبقى الولايات المتحدة في سورية 30 يوماً، وكان هذا منذ سنوات».

وتابع: «عندما وصلت إلى واشنطن (كرئيس) كان تنظيم داعش يتوسع في المنطقة، ولكن سرعان ما هزمناه بنسبة مئة في المئة وأوقفنا الآلاف من مقاتليه، ومعظمهم من أوروبا، إلا أن الأخيرة لا تريد استرجاعهم، وتقول إنه يمكن للولايات المتحدة الاحتفاظ بهم».

واستطرد: «لا، لقد أسدينا معروفاً كبيراً لكم (الأوروبيين)، ولكنكم تريدون الآن أن نظل نحتجزهم في سجون أميركية بتكلفة هائلة».

ورداً على اتهامات أكراد سورية للولايات المتحدة بعدم الوفاء بالتزاماتها تجاههم، كتب ترامب: «الأكراد حاربوا معنا (تنظيم داعش)، ولكنهم حصلوا على كميات ضخمة من الأموال والعتاد مقابل هذا».

وأضاف أن الأكراد «يحاربون تركيا منذ عقود، ولقد أوقفت هذه الحرب نحو ثلاثة أعوام، ولكن الوقت حان للخروج من هذه الحروب السخيفة التي لا نهاية لها، وإعادة جنودنا للوطن».

وشدد: «سنحارب لمصلحتنا فقط، وسنحارب فقط من أجل الفوز، وسيتعين الآن على تركيا وأوروبا وسورية وإيران والعراق وروسيا والأكراد حل الوضع معاً، وتحديد ما الذي سيفعلونه بمقاتلي داعش الموقوفين في جوارهم ... إننا نبعد عنهم سبعة آلاف ميل وسنسحق داعش مجدداً إذا ما أصبح قريباً منا!».

ومع بدء الولايات المتحدة سحب قواتها من المناطق السورية الواقعة على الشريط الحدودي مع تركيا، بات الطريق مفتوحاً أمام أنقرة لشن هجوم يضعها أمام تحديات جسيمة، وقد ينطوي على مجازفة.

لكن خلافاً لعمليتين عسكريتين سابقتين، فإن الهجوم الذي تعتزم أنقرة شنه هذه المرة يستهدف قلب مناطق سيطرة الأكراد الذين يحميهم مقاتلون سلحتهم واشنطن واكتسبوا مهارات قتالية من جراء معاركهم مع «داعش».

كما أن العملية العسكرية التي تخطط لها أنقرة أضخم من حيث مداها الجغرافي، وسينتج عنها كلفة اقتصادية، ليس من المؤكد على ضوء الانكماش الاقتصادي الحالي في تركيا، أن يكون البلد يملك الموارد لذلك.

ويضغط ترامب منذ عدة أسابيع على الدول الأوروبية لحضها على استعادة مواطنيها «الدواعش» المعتقلين في سورية، ووصل الأمر إلى حد التهديد بإطلاق سراح المقاتلين الأوروبيين.

وبإعطاء الضوء الأخضر لهجوم تركي على المقاتلين الأكراد، فإن ترامب يسعى أيضاً إلى إلقاء هذا العبء على عاتق تركيا.