«الأساطير الأندلسية» تروي قصصاً عربية وإسبانية لا تنسى
شواهدها ماثلة في قصور الحمراء وجلسة العربي
عندما نسمع كلمة «أسطورة» يتبادر إلى أذهاننا الخرافات أو الحكايات الخارقة للعادة، أو أشياء فيما وراء الطبيعة، لكن الأساطير الإسبانية مستوحاة من فترة تاريخية غُيّبت عن الشعب الإسباني مئات السنين.
تزخر الأندلس بأساطير وحكايات وتراث لا يمكن تجاهله، وقد قدمت للعالم كل الفنون الحضارية من ثقافة ورسم ونقش ونحت وغيرها، بقيت أوابدها ماثلة للأعين حتى الآن. ومن هذه الأساطير باب العدالة، الذي يوجد في أحد مداخل قصر الحمراء، ومحفور عليه يد ومفتاح، تعددت الأساطير حولهما، وتقول إحداها إنه عندما تصل اليد إلى المفتاح سينهار قصر الحمراء وتكون نهاية العالم، وتروي أخرى أن الفارس الذي يستطيع أن يصل بحربته للمفتاح سينال الحمراء كمكافأة.ولكن تبقى الأسطورة الأكثر تأكيدا وصحة أنه عندما تلمس اليد المفتاح ستعود غرناطة لملاكها الأصليين، حيث تعتبر غرناطة جوهرة الأندلس، فهي من أجمل المدن الإسبانية، كما أنها مصدر ثرى لكثير من الحكايات والأساطير غير المنتهية.
جلسة العربي
وهناك في قصر الحمراء، وتحديدا من «جنات العريف»، عندما ينظر الزائر بعيداً ناحية الجبال المقابلة يوجد تل بعيد محاط بالأطلال والمعروف باسم «لاسيلا دل مورو»، أو جلسة العربي، وترجع حكاية هذا التل عندما فر آخر ملوك غرناطة، وهو أبوعبدالله الصغير، من قصر الحمراء، باحثا عن ملجأ فلم يجد سوى هذا التل، حيث جلس ينظر بحزن إلى قصر الحمراء، ومنذ ذاك اليوم عرف هذا التل باسم جلسة العربي، نظرا لجلوس أبوعبدالله الصغير هناك.قاعة المنشور
ومن الحمراء أيضا، توجد قاعة المنشور، وهي أقدم صالة في قصر الحمراء، وكان السلطان يجلس بها داخل غرفة عالية ذات حواجز، حيث يستطيع أن يرى ويسمع ما يجرى داخل القاعة دون أن يراه أحد.ومن هنا يستطيع أن يباشر العدالة، وهذا يوحي بأن عصره كان يتميز بنزاهة القضاء والأحكام العادلة، وباب هذه الصالة يحكي قصتها، حيث كان يوجد زلاج عليه لافتة مكتوب عليها «ادخل واسال، فلا يجب أن نطلب العدالة، ولكن يجب أن نجدها».قاعة بني سراج
بني سراج هم أحد نبلاء قصر الحمراء، وتحكي الأسطورة أن هذه العائلة كانت على خلاف سياسي مع «الزناتين»، الذين قرروا أن يتخلصوا من خصومهم عن طريق مؤامرة.وقاموا بخلق إشاعة عن وجود علاقة غرامية بين السلطانة ثريا (المفضلة عند الملك) وأحد رجال بني سراج، وذلك لإثارة غيرة السلطان وغضبه، وأخذت الغيرة السلطان، وفي أحد الاحتفالات المقامة في قاعة بني سراج أمر بذبح سبعة وثلاثين فارسا من بني سراج ووضع رؤوسهم في منبع المياه الموجود بالقاعة.وتقول الأسطورة إن اللون الأحمر الموجود في قاع المنبع، وفي القناة التي تحمل الماء إلى بهو الأسود، هو دماء هذه الفرسان والشاهد على هذه المذبحة.وتتواصل الأساطير في أماكنها الأندلسية، حيث كان هناك أميرة عربية تسمى زهيرة، كانت جميلة وذكية ورقيقة، وكان والدها الملك عكسها تماماً قاسيا بارد المشاعر وبخيلا. وفي يوم من الأيام ذهبت الأميرة مع والدها فى رحلة إلى بلاد الأندلس، ونزلوا بقصر الحمراء بغرناطة، وكانت الأميرة تغمرها السعادة كونها بغرناطة الساحرة، وكأنها تحلم، بينما كان والدها الملك في حالة ضيق وتأفف.غرناطة الساحرة
وشعرت زهيرة أنها ولدت فى غرناطة وأن بلادها إفريقيا جحيم اذا ما قورنت بغرناطة الساحرة، ومنعها الملك من الخروج والاختلاط بالعامة، وكانت صُحبتها الوحيدة التعويذة التى تحملها فى رقبتها، حيث اعتادت الأميرة أن تقضي معظم الوقت في البهو الرائع، وفي يوم من الأيام فاجأها شاب يدعى أرتور، وكان قد قفز من فوق السور قائلا لها إنه شاهدها من الخارج وإنه أغرم بها، فأصرت الأميرة أن يذهب فورا حتى لا يراه الملك ورجاله، وذهب الشاب على أمل العودة مرة أخرى.وفي اليوم الذي عاد فيه أرتور، رآه الملك وأمر رجاله أن يسجنوه فى أحد الأبراج المحصنة، وشعرت الأميرة بالحزن لأجل حبيبها الذي من الممكن أن يموت، ووجدت في إحدى الغرف يوميات والدها، ففكرت بادئ الأمر أنه لا يجب أن تقرأها، ولكن شيئا داخلها دفعها لقراءتها، فوجدت في إحدى الصفحات المكتوبة عندما كانت تبلغ من العمر عاماً: «لقد قتلت الملك والملكة، وبفضل رجالي الأحد عشر استطعت السيطرة على المملكة، وسوف أتبنى الأميرة زهيرة، وأتمنى ألا تعلم بأمر القوة التي بالتعويذة».فأجهشت الأميرة بالبكاء، ودعت الملك ورجاله الأحد عشر، واجتمعت بهم في البهو، وسألته عن صحة ما قرأت، وأقر الملك بفعلته هو ورجاله، وعندئذ تذكرت الأميرة القوة التي تحملها التعويذة، وغضبت غضبا كغضب الأسد، مما حول الملك والأحدى عشر رجلا إلى أسود من الحجر.ومنذ ذلك الحين، عُرف هذا البهو ببهو الأسود، وتزوجت زهيرة حبيبها أرتور وعاشا في هناء.