في تطور جديد للأزمة بين مصر وإثيوبيا، بعد وصول المفاوضات بينهما حول سد النهضة إلى طريق مسدود، عقد مجلس النواب المصري جلسة أمس خصصها لمناقشة الموضوع، وشهدت تحذيراً أعلنه رئيس الحكومة د. مصطفى مدبولي من محاولة إثيوبيا تجاوز حقوق مصر التاريخية في مياه النيل، مؤكدا تمسّك القاهرة بإشراك طرف دولي آخر وسيطا في المفاوضات، في وقت أعلنت أديس أبابا رفضها النهائي لمطلب مصر بألا يقل إيراد المياه الذي يمرّ من أراضيها سنويا عن 40 مليار متر مكعب.وأكد رئيس الوزراء المصري، في كلمته ضمن جلسة الاستماع البرلمانية، أن مصر منفتحة على الحوار، بشرط الحفاظ على حقوقها المائية، "فالنيل مصدر المياه الوحيد، والقضية ليست موضوع كهرباء".
وتابع: "نقرّ بأحقية دول حوض النيل في الاستفادة دون تجاوز حقوق مصر". وشدد على أن مصر طلبت التدخل الدولي، من أجل الوصول إلى طريقة توافقية، لحل تعثّر مفاوضات سد النهضة مع الجانب الإثيوبي، بعد التشدد الذي أظهرته أديس أبابا خلال المفاوضات الأخيرة. وقال مدبولي: "تابعنا تشددا من الجانب الإثيوبي في بعض الثوابت التي كان عليها توافق، لكنها تراجعت وأظهرت موقفا متشددا آخر"، موضحاً أن "النقاط الخلافية مع إثيوبيا، كلها تتعلق بملء السد وفترة الملء، والآلية التي يجري العمل بها بعد الملء، وما بعد التشغيل باعتبارها ستكون عملية مستدامة".وأشار رئيس الوزراء إلى أن تلك النقاط بها خلاف جوهري مع الجانب الإثيوبي، مؤكدا أنه وفقا لإعلان المبادئ الموقّع بين مصر وإثيوبيا، ينص على أنه حال عدم توافق أي دولة على ملء السد، يكون هناك وسيط دولي لدراسة الموضوع ووضع الأسس التي تحقق مصالح الدول الثلاث.وقال مدبولي: "لا يزال الجانب الإثيوبي يقول إنه يريد أن يكون هناك مجال أطول للتفاوض، لكن من المناسب أن تكون هناك وقفة، ووسيط دولي، طالما الجانب الإثيوبي لا يرضى بالتوافق".وعرض إجراءات حكومية لترشيد استهلاك المياه لمواجهة تراجع نصيب الفرد من المياه، بسبب زيادة عدد السكان.وفي الجلسة نفسها، شدد وزير الخارجية سامح شكري، على أهمية تضافر جهود السودان مع مصر في ملف سد النهضة، نظرا لأن مصر والسودان يربطهما نفس المسار والمصير. وكان السودان قد رفض توجّه مصر لتدويل الأزمة.وأكد وزير الخارجية في كلمته أن تشغيل إثيوبيا لـ "سد النهضة" دون موافقة مصر والسودان، أمر مرفوض تماما، ويعد "انتهاكا صريحا للقانون الدولي ولاتفاقية إعلان المبادئ، محذّرا من أن السد يؤثر على الاستقرار في المنطقة، ومشيرا إلى أنه تمت دعوة المجتمع الدولي للتوسط من أجل وضع حل لهذه الأزمة، داعيا إثيوبيا إلى وجود طرف رابع للوصول إلى الاتفاق المنشود.وأكد شكري أن ملف سد النهضة مر بمرحلة غاية في الدقة، بسبب طول مدة المفاوضات دون التوصل إلى اتفاق، وفقا لقواعد القانون الدولي. وكشف شكري أن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، كلّف باتخاذ ما يلزم على الصعيد السياسي، وفقا لمحددات القانون الدولي، للحفاظ على حقوق مصر المائية، مشيرا إلى أن مؤسسات الدولة المختلفة بدأت بدورها في التواصل مع الشركاء الدوليين، للمعاونة في تجاوز الوضع القائم، بما يساهم في حق إثيوبيا في توليد الطاقة من السد، وبما لا يؤثر على أمن مصر المائي. أما في إثيوبيا فقد وصفت وزارة المياه والري والطاقة، الاقتراح المصري الجديد بشأن سد النهضة بـ "عبور الخط الأحمر"، ونقلت وكالة أنباء إثيوبيا عن الوزارة: "أصبح اقتراح مصر الجديد بشأن سد النهضة الإثيوبي الكبير نقطة خلاف بين البلدين". وقالت الوزارة، في مناقشة نظمها "مكتب المجلس الوطني لتنسيق المشاركة العامة لدعم سد النهضة"، إن "اقتراح مصر يعتبر عبور الخط الأحمر الذي رسمته إثيوبيا". وذكرت الوكالة أن مستشار شؤون الأنهار الحدودية في وزارة المياه والري والطاقة الإثيوبية، تفيرا بين، أطلع المشاركين حول سلسلة المحادثات الثلاثية بين إثيوبيا والسودان ومصر. وقال إن مصر اقترحت إطلاق 40 مليار متر مكعب من المياه كل عام، وإطلاق المزيد من المياه عندما يكون منسوب البحيرة خلف سد أسوان أقل من 165 مترا فوق مستوى سطح البحر، ودعت طرفا رابعا في المناقشات بين الدول الثلاث.وكانت إثيوبيا قد أبدت دهشتها من رفض الوفد المصري في مباحثات الخرطوم السبت الماضي اقتراحاً سودانياً بتمرير 35 مليار متر من المياه سنوياً.يذكر أن الحصة السنوية لمصر من مياه النيل تبلغ 55 مليار متر مكعب، يصل أغلبها من نهر النيل الأزرق المنحدر من إثيوبيا، بينما تحصل على حصة إضافية من نصيب السودان غير المستخدم من المياه.
دوليات
مصر تأمل دعماً سودانياً في «أزمة النهضة»
10-10-2019