«النجدي» لطالب الرفاعي... انطباع شخصي!
![عبدالهادي شلا](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1599156177023124700/1599156222000/1280x960.jpg)
القصة أراد لها الكاتب أن تكون بلمحة تاريخية، وفي الوقت نفسه حدد لها ساعات جرت فيها أهم أحداثها جعلتني ألهث وراء النهاية التي أبدع في رسمها في الجزء الأخير، وهو يصور كيف تقاذفت الأمواج النجدي «النوخذة» القوي هو وأصحابه بأجسادهم التي لم تعد فتية، وقد عبروا من الستين إلى السبعين بحياة كلها عزة. كانت الصورة أمام عيني كقارئ تتراءى مثل مشهد في فيلم سينمائي، ربما جعلني أربط بين شخصية «النجدي» القوي العنيد في شبابه وبين وشخصية بطل قصة «الشيخ والبحر» لأرنست همنغواي خصوصا في لحظات مقاومة الريح السوداء التي أتى بها الطقس المفاجئ، في حين «النوخذة النجدي» متردد في أن يصدق حدسه الذي كان يهمس له بضرورة مغادرة البحر وهو يشم تلك الرائحة الكريهة التي لا يخطئها، وهو الذي عاش في البحر أكثر مما عاش على اليابسة!! عنصر التشويق كان مسيطراً بجانب الصور التي كانت تتردد بين الصفحات وتخرج من بين الحروف، وكأنها تؤكد ما يرتسم في مخيلتي من صور للبحر وجماله الذي أعرفه حين يكون صافيا ومتسامحا وفاتحا أبوابه لكل عشاقه، وفي الوقت ذاته سره الذي كان ومازال يخيفني رغم عشقي له.لم تغب أسرة النجدي عن خياله، وهو يصارع الموج ويمسك الصندوق بيده، في حين يقاوم جسده برد فبراير وريح العاصفة الهوجاء. كان يتذكر زوجته «شمة»: لا تتأخر! وتأتيه صورة والده وهو يسلمه دفة البوم، ويسمح له بقيادته في أول مرة، وكيف قطع البحار والمحيطات وتنقل بين البلاد، وكيف كان يصر «النجدي» على أن علاقته بالبحر قدرية، وهو يعاتبه الآن كيف يتخلي عنه ويباغته بهذه العاصفة الهوجاء على حين غرة في يوم من أيام فبراير الهادئة؟!لا شك أن قصة «النجدي» فيها من القيم الأدبية والصور الجمالية أكثر مما أتيت عليه هنا، ولعل النقاد في عالم الأدب هم الأكثر قدرة على استخراج الدرر منها بما يملكون من أدوات النقد والتمييز بين الأساليب الأدبية.شكراً صديقي طالب على هذه الهدية القيمة.* كاتب فلسطيني - كندا