مؤتمر «المالية» عن ميزانية الدولة... أرقام بلا معنى
• ركّز على تقديرات الجهات الحكومية دون تأكيد على تحديد سقف للميزانية
• الأرقام عن تراجع الاحتياطي العام لم تجد رداً رسمياً تأكيداً أو نفياً
• الحجرف: 31 جهة سلمت مشروع ميزانية كاملاً و24 ناقصاً و13 لم تسلم
رغم حديث الحجرف عن بلوغ المصروفات الرأسمالية ما نسبته 17 في المئة من إجمالي المصروفات بنمو 11 في المئة عن العام الماضي، فإن واقع الحال في العديد من الجهات الحكومية، لاسيما القطاع النفطي والوزارات الخدمية كالكهرباء والأشغال يشير إلى أن العديد من المشاريع متوقف أو بطيء التنفيذ.
لم يقدم مؤتمر وزير المالية د. نايف الحجرف، أمس، إجابات شافية عن انحرافات الميزانية في الكويت، ولا عما يثار في الآونة الأخيرة بشأن التراجع الحاد في قيمة الاحتياطي العام للدولة، إنما ركّز في ملتقى «المالية العامة» - الذي تنظمه وزارة المالية للعام الثاني بحضور الجهات الحكومية المتخصصة بإعداد الميزانية - على ما تطلبه الجهات الحكومية لتقديرات المصروفات والبالغة في مجملها 27.7 مليار دينار للسنة المالية 2020 -2021 وليس على ما ستصدر فيه ميزانية الدولة في تلك السنة المالية مع أن مجلس الوزراء وافق في ميزانية 2019 - 2020 على كسر سقف الإنفاق الذي أقره سابقاً لثلاث سنوات عند 20 إلى 21 مليار دينار، وصولاً إلى 22.5 ملياراً هذا العام، مما ينبئ بتضخم إضافي للمصروفات خلال السنوات المقبلة. أي إن الحديث عن ضبط تقديرات الجهات الحكومية لمصروفاتها لن يكون ذا قيمة إن لم يقترن بأداء وزارة المالية تحديداً لدورها، كما ذكر الجحرف، كمدرّ مالي للدولة خصوصاً أن التقديرات السابقة من الجهات الحكومية لميزانية 2019 - 2020 بلغت 30.5 مليار دينار فيما أقرت المالية ميزانية فعلية هي الأضخم في تاريخ الكويت عند 22.5 مليار دينار. وحتى على صعيد الاحتياطي العام اكتفى الحجرف بالقول، إنه «على الرغم من التحسن في نسبة العائد على الاستثمارات، فإن معدل السيولة في خزينة الدولة (الاحتياطي العام) في طريق النفاد نتيجة السحوبات التي تتم لتغطية مصروفات الدولة»، دون أن يوضح بالتأكيد أو النفي ما قاله وزير المالية الأسبق بدر الحميضي في ندوة جمعية المحاسبين الشهر الماضي بأن «قيمة الاحتياطي العام قد انحدرت من 21 مليار دينار إلى 7 مليارات فقط».
وعلى صعيد التزامات المالية العامة، عبر الحجرف عن عجز حكومي في معالجة أحد أهم اختلالات الاقتصاد عندما اعتبر أن مصروفات الباب الأول - المرتبات وما في حكمها - التي تشكل 54 في المئة من مصروفات الميزانية «لا يمكن المساس بها، ومجال الحركة فيها محدود جداً إن لم يكن معدوماً»، مما يشير إلى انعدام قدرة الدولة على خلق فرص عمل في القطاع الخاص بما يعاكس معظم تصريحات الوزراء الآخرين الذي يتحدثون عن مساعي جذب الشباب للعمل في القطاع الخاص او المشروعات الصغيرة.ورغم حديث الحجرف عن بلوغ المصروفات الرأسمالية ما نسبته 17 في المئة من إجمالي المصروفات بنمو 11 في المئة عن العام الماضي، فإن واقع الحال في العديد من الجهات الحكومية، لاسيما القطاع النفطي والوزارات الخدمية كالكهرباء والأشغال يشير إلى أن العديد من المشاريع متوقف أو بطيء التنفيذ تنيجة عدم وجود مخصصات في الميزانية للإنفاق على المشاريع.وتناول الحجرف بمختصر شديد الواقع المالي للدولة، مبيناً أن الناتج من المصروفات سواء كان فائضاً سيحول إلى خزينة الدولة بعد استقطاع نسبة احتياطي الأجيال القادمة، وأن العجز في الميزانية سيغطى من الاحتياطي العام بعد ما يتم خصم نسبة الأجيال القادمة.وأظهرت الأرقام التي عرضها الحجرف أن هناك عجزا فعليا في الحساب الختامي لخمس سنوات متتالية ابتداءً من عام 2014/2015 حتى عام 2018/2019، وهو ما يظهر أثر تدني أسعار النفط على الميزانية العامة، في حين انه تم تحويل 25 في المئة من الإيرادات الى احتياطي الأجيال القادمة في السنوات المالية 2012/2013 و2013/2014.
رفض الميزانيات
وفي تفاصيل الملتقى, قال الحجرف، إن وزارة «المالية» رفضت جميع الميزانيات التقديرية للجهات الحكومية لافتقارها إلى الأسس الموضوعية، والتي تم تقدير هذه المبالغ بناء عليها.وبيّن الحجرف، في تصريح صحافي، عقب انعقاد الملتقى «ان ما حدث هذا العام، أنه بعد ان تم ارسال تقديرات الميزانية لبعض الجهات الحكومية وجدنا أن حجم الإنفاق وصل إلى 27.7 مليار دينار، وهو مبلغ بكل الأحوال غير مقبول».ونوه إلى أن العام الماضي كان هناك تقديرات بقيمة 30.5 مليار دينار تم بنهاية المطاف تخفيضها إلى 22.5 مليارا، مؤكدا الإيمان بأن الحساب الختامي هو السقف الذي نستطيع من خلاله التحرك مع جميع الجهات الحكومية عبر هدف مشترك هو تحقيق التوازن المالي في الموازنة العامة للدولة.وقال ان انخفاض أسعار النفط أثر ومازال يؤثر في الميزانية، إلا أن المصروفات كذلك زادت، موضحاً ان لم اكن استطيع التحكم في اسعار النفط الى جانب الالتزام بحصة الدولة في «اوبك» 2.8 مليون برميل يوميا، لكن استطيع التحكم في المصروفات باستثناء الرواتب في الباب الاول، مبيناً انه يجب التحكم ببقية المصروفات.ولفت إلى أن تحقيق هذا الهدف يتطلب تضافر جهود الجميع للعمل كفريق واحد في إطار توجيهات مجلس الوزراء.خطة التنمية
وذكر أن الوزارة حرصت خلال المنتدى على تأكيد دورها كمدير مالي للدولة معني بوضع أسس سليمة ودقيقة لتقديرات الميزانية، وبالتالي دعت جميع الجهات الحكومية إلى ورش عمل مع كل جهة على حدة تنطلق يوم الثلاثاء المقبل، لكي يتاح لكل جهة أن تقدم ميزانيتها وفق الأولويات، وكذلك لأن تدعم الميزانيات بالدراسات الموجودة لدى هذه الجهات، والتي تؤكد ضرورة إدراج هذه المبالغ في الميزانية. وشدد على ضرورة أن تكون المشاريع نابعة من خطة التنمية، وبالتالي يكون هناك أولويات للجهات الحكومية.وأكد أن «المالية» على استعداد لتقديم أي دعم فني للجهات الحكومية، وهي تقوم بإعداد الميزانية في نطاق المسؤولية المشتركة، مؤكدا في الوقت ذاته دور الوزارة، وأن عملية عدم ضبط الميزانية وتوقعاتها غير مقبولة.ميزانيات واقعية
وأعلن الحجرف أن وزارة المالية لن تعتمد التقديرات الأولية المقدمة من الجهات الحكومية لمشروع الميزانية العامة للسنة المالية 2020/202١، والتي بلغت 27.7 مليار دينار، وحثت جميع الجهات على تقديم ميزانيات واقعية تحكم المصروفات وفقاً لنتائج الحساب الختامي الأخير، وإلا فستضع الوزارة التقديرات بدلاً من الجهات، وعلى الجهات الالتزام بتقديراتها. ودعت الوزارة الجهات إلى التعاون معها لتحديد أولويات الصرف خلال المشاركة في ورش عمل لتحديد الأولويات والتي ستعقد لأول مرة في الفترة من 15-29 أكتوبر في مبنى الوزارة، بهدف تقديم يد العون والمساعدة للجهات الحكومية في وضع وخفض تقديرات ميزانيتها وفق النهج والخطة الموضوعة لميزانية الدولة.وقال: «نشكر جميع الجهات التي قدمت ميزانيتها للسنة المالية 2019/2021، لكن التقديرات الأولية للميزانية العامة المقبلة مضخمة وغير واقعية، وهذا أمر مرفوض ولا يساهم في تعزيز التوازن المالي للميزانية، وعلى الجميع أن يعي دوره في الحد من الهدر في المصروفات، مراعين في ذلك عدم المساس بالمستوى المعيشي للمواطن والإنفاق الرأسمالي على المشاريع التنموية».وقال الحجرف ان الوزارة تسلمت من 31 جهة مشروع ميزانية كاملاً، ومن 24 جهة مشروع ميزانية ناقصاً، بينما لم تتسلم ميزانيات من 13 جهة.وذكر أن ميزانية 2020/2021، وهو التحدي القادم، حيث هناك 31 جهة قدمت المشروع كاملا، وهناك للاسف 24 جهة قدمت المشروع بشكل جزئي، وهناك 13 جهة لم تقدم ميزانيتها إطلاقاً، وهذه الجهات مخالفة لتعميمات «المالية»، وبالتالي الوزارة ستفعل دورها بأنها ستضع تقديرات ميزانيتهم بناء على الحساب الختامي، موضحاً «بما انهم غير مهتمين بوضع ميزانيتهم فسنقوم بوضع ميزانيتهم».وأكد أن كل الأرقام التي وردت في الميزانية المقبلة مرفوضة، وسنجتمع مع كل جهة لمراجعة كل ميزانية على حدة، مفيداً بأن كل جهة مطلوب منها ان تفند وتدعم الأرقام التي وردت في تقديراتها، راجياً ان «يرسل لوزارة المالية مسؤول ذو قرار، ويعي بالميزانية، لأننا عانينا العام الفائت بعد قيام الجهات الحكومية بإرسال موظفين ليس لديهم قرار ولديهم قصور في الفهم الكامل للميزانية، وهو ما يضع الوزارة في موقف انها تتخذ ميزانيتكم بالنيابة عنكم وهو شيء لا نريده».وأضاف أن هذه المشاريع يجب أن تكون نابعة من خطة التنمية ليكون هناك أولويات للجهات الحكومية، وأن الوزارة على أتم استعداد لتقديم أي دعم فني للجهات الحكومية، وهي تقوم بإعداد هذه الميزانية، فهي مسؤولية مشتركة، وان تحقيق التوازن المالي هدف يتطلب التعاون وتضافر الجهود.العجيل استعرض رؤية «المراقبين»
قدم رئيس جهاز المراقبين الماليين خليفة العجيل عرضا عن رؤية الجهاز وأهدافه في الرقابة المسبقة على المصروفات من خلال تنفيذ وتطوير السياسات والإجراءات الرقابية المانعة، التي تسبـق التصرفات المالية، وذلك بما لا يعوق تحقيـق الأهداف، وبما يضمن جـودة استخـدام المـوارد المالية في الجهات والمؤسسات الحكومية، ومتابعة تحصيل الإيرادات العامة، والمحافظة على المقدرات المالية للدولة.
نظام الأوراكل
سئل الوزير عن نظام الأوراكل رغم أنه برنامج الكتروني فإنه لا يعترف بالتكنولوجيا، لأنه يفرض على الوزارات ان تمرر معاملاتها بدورة مستندية كاملة، وأجاب ان نظام الاوراكل المطبق لا رجعة فيه، ورغم ما قيل عنه من التعقيدات فهو قابل للتطوير، وسنصل إلى تفعيله بشكل كامل، لما له من دور في أحداث قفزة نوعية، ونعمل على الانتهاء من اي مستندات ورقية، على أن تكون كل التعاملات من خلال اوراكل فقط.ملاحظات على التقديرات
أكد الحجرف أن السبب في رفض الميزانيات هو التفاوت والتباين فيها، وسنعمل مع الجهات الحكومية كي نصل لفهم مشترك لوضع تقديرات اكثر دقة وواقعية لكل جهة على حدة، و«سنعمل مع المراقبين الماليين لمتابعة الالتزام الدقيق بهذه الميزانية، حيث فوجئ بقيام بعض الجهات بإدراج مشروعات للموازنة رغم انها غير مدرجة بخطة التنمية، ودون ان نعرف مبررات المشروع وهو ما نرفضه».
الحديث عن عدم مس المرتبات يكشف العجز في خلق فرص عمل في القطاع الخاص