النفط يحافظ على دوره الحيوي في المستقبل المنظور
تشير توقعات خبراء الطاقة إلى أن عالم الغد سوف يكون بحاجة ماسة إلى مزيد من النفط لتحقيق تقدم اقتصادي يجنّب الكوكب مخاطر الركود والتداعيات المدمرة. ومن البديهي أن الطاقة تشكل المحور الحيوي لهذا الهدف، وأصبحت بازدياد لعبة القوى الكبرى أبرز عوامل الحروب في القرن الحالي، وتظهر تلك الحقيقة الأحداث التي شهدتها، ولا تزال، الدول المنتجة للنفط مثل العراق وليبيا وفنزويلا.ويقول تقرير نشرته أخيراً صحيفة الغارديان البريطانية، إن أكبر 50 شركة نفط في العالم تخطط لزيادة إنتاجها بما يصل إلى سبعة ملايين برميل يومياً خلال العقد المقبل، وربما يبلغ 35 في المئة في الفترة ما بين عامي 2018 و2030 مقارنة مع فترة الاثني عشر عاماً الماضية ولاحظ التقرير أن هذه الخطط تتعارض بصورة مباشرة مع الجهود الرامية إلى خفض انبعاثات بيوت الدفيئة المطلوبة لتفادي احتمالات حدوث أزمة مناخ.
وسبق أن توقعت أوساط الطاقة حدوث تحسن ملحوظ في الطلب على النفط إلى ما بعد عام 2035 على أقل تقدير مدفوعاً بزيادة الطلب من جانب الاقتصادات الناشئة وسعي الدول المصدرة للنفط – من داخل منظمة أوبك وخارجها – إلى ضمان مزيد من الصادرات للحفاظ على اقتصادها وتقدمها قبل أن تحل مصادر الطاقة المتجددة بمختلف أشكالها محل الوقود الحفري، في حين أفادت أنباء الطاقة بأن عدد حفارات النفط النشيطة في الولايات المتحدة ارتفع للمرة الأولى أخيراً في ثمانية أسابيع.وقابل هذا التطور هبوط الناتج الصناعي في الهند للمرة الأولى بأسرع وتيرة منذ ست سنوات، كما أن الدول الأوروبية عبرت في أكثر من مناسبة خلال الفترات الماضية عن مخاوفها من تعطّل التدفق المنتظم لمصادر الطاقة نتيجة عوامل جيوسياسية أو داخلية لا تستطيع السيطرة عليها.في غضون ذلك، تؤكد أوساط الطاقة العالمية استمرار الدور الحيوي للنفط والغاز في الاقتصاد على الرغم من وجود فرصة كبيرة لهبوط حصتهما نتيجة ازدياد التوجه نحو مصادر الطاقة الأخرى، وازدياد عمليات التركيز على الطاقة المتجددة، إضافة إلى ازدياد فعالية التقنية التي تستخدم لهذا الغرض في الكثير من الدول المتقدمة.إلى ذلك، تشير تقديرات خبراء الطاقة إلى أن حجم نمو الطاقة الشمسية سيبلغ أكثر من 100 في المئة عما كان عليه قبل أربع سنوات، كما أن تكلفة إنتاجها سوف تهبط بشكل ينافس مصادر الطاقة الأخرى، وسوف تطرح هذه التطورات مجموعة من التحديات المحتملة في المستقبل وخصوصاً بعد ارتفاع إنتاج الولايات المتحدة من النفط وإنتاج كندا من الزيت الرملي. وسوف تؤدي الاقتصادات الناشئة دوراً بارزاً في الطلب على النفط والغاز وربما يسهم احتمال توصل الولايات المتحدة والصين إلى صيغة تنهي الحرب التجارية بينهما في إحداث تغيير جوهري بمعادلة استهلاك الطاقة مع وجود فرصة حقيقية لأن تحسن بكين الاستفادة من مبادرتها المعروفة باسم «الحزام والطريق» لتصبح قوة مؤثرة على الصعيدين الاقتصادي والعسكري، خصوصاً بعد أن استقطبت الكثير من الدول التي سوف تستفيد من هذه المبادرة من أجل تحقيق أهداف اقتصادية لم تكن قادرة على بلوغها في المقام الأول.