تنبّأ بنظافة جيوبهم من نظافة أعمالهم
إن الخرق العظيم في ميزانية الدولة واستباحة المال العام يقع من يد بعض أبنائها الذين يتقلدون وظائف مرموقة ومناصب قيادية، لكنهم ليسوا بكفء لها، بل هم دون مستوى الأمانة الكافية والنزاهة المطلوبة، والسبب بالطبع فوضى التعيينات القيادية التي أغرقت الكويت بالمتسولين للمناصب وفقراء الذمم وجبناء الإرادة.
ينشر الناس في مواقع التواصل الاجتماعي يومياً صوراً متكررة لأكوام من القمامة والمخلفات والأنقاض مرمية في مناطقهم أياماً وأسابيع دون أن تقوم الجهات المعنية في البلدية أو باقي الجهات الحكومية ذات العلاقة بإزالتها، فيضطر الناس لتصوير المشهد ونشره لتبادر حينها البلدية أو غيرها باتخاذ اللازم.قضينا 11 شهراً بالتمام والكمال نعاني من شمال الكويت حتى جنوبها من الحصى المتطاير وسوء الطرق بالرغم من الملايين التي صرفتها الجهات الحكومية على عقود الشوارع والإسفلت والطرق خلال سنوات مضت، لكنها لم تشفع لسلامة الطرق وكفاءتها.أنشأت وزارة الداخلية نظاماً جديداً لتأمين الحدود بالكاميرات الحرارية، وصرفت على هذا النظام عدة ملايين من خمس أو ست سنوات، وروّج لمتانة هذا النظام وفاعليته كبار المسؤولين ما غيرهم، ليُفاجأ الشعب بأن هذا النظام وهمي، وهو مركون لا يعمل، وأن المنظومة الحرارية معطلة وأن الحدود "خرّي مرّي". أحالت نزاهة هذا الأسبوع قيادياً في وزارة الصحة إلى النيابة العامة بتهمة تسهيل الاعتداء على المال العام باستخدامه صلاحياته في التعاقد المباشر مع إحدى الشركات، مما ألحق الضرر بالمال العام دون أي فائدة لمرافق الصحة وخدماتها.
وأحالت نزاهة أيضاً قيادياً سابقاً من ديوان الخدمة المدنية إلى النيابة العامة بتهمة تضخم حساباته المالية وإثرائه غير المشروع أثناء فترة خدمته بالحكومة بدون قدرته على توضيح منابع ثروته؛ مما كوّن قناعة بوجود شبهة تنفّع من المنصب الحكومي الرغيد.وهكذا يمكنك عزيزي القارئ أن تتابع هذه الأخبار اليومية في كثير من جهات الدولة، وتطلع على تقارير الجهات الرقابية وإحالات نزاهة، وتحقيقات النيابة العامة، وبيانات لجنة الميزانيات البرلمانية، وكتّاب الصحافة المحلية لتعلم أن الخرق العظيم في ميزانية الدولة واستباحة المال العام يقع من يد بعض أبنائها الذين يتقلدون وظائف مرموقة ومناصب قيادية، لكنهم ليسوا بكفء لها، بل هم دون مستوى الأمانة الكافية والنزاهة المطلوبة، والسبب بالطبع فوضى التعيينات القيادية التي أغرقت الكويت بالمتسولين للمناصب وفقراء الذمم وجبناء الإرادة ممن صار أغلب همهم التنفع والاستفادة من مواقعهم وخدمة معازيبهم، فزاغت أعينهم عن الحق وتلوثت أياديهم بالظلم والخيبة، وضاعت من عيونهم حرمة المال العام، والنتيجة ما نراه ونشاهده ونسمعه كل يوم وليلة عن قصص الفساد وكسب المال الحرام. باختصار إذا أردت أن تعرف نزاهة مسؤول وأمانته، فلا تسأل عن نظافة يده، إنما اسأل عن نظافة عمله ومتانة إنجازه وشاهد مشاريعه المنفذة في أي موقع ثم تنبأ بما تتوقع. والله الموفق.