أفرحتنا ثورة الشعب العراقي، وطمأنتنا بأن هذا الشعب العربي الباسل يأبى أن يقوده عملاء النظام الإيراني الذين نهبوا ثرواته، وأصروا على إخضاع العراق للنفوذ الإيراني، ولعل هذا الذي دفع نظام الملالي للقول بكل تبجح بأن بعث الإمبراطورية الفارسية وعاصمتها بغداد قد اقترب، لذا سيحاول نظام طهران وعملاؤه التصدي لهذه الثورة وإخمادها بأي وسيلة. وآلمنا في الوقت نفسه الدماء التي سالت من شباب العراق وثواره، فقد بدت مطالب الثوار مرتفعة عالية، فطالبوا بسقوط النظام، أي النظام الموالي لإيران، ورددوا هتافات مدوية يقولون فيها "إيران بر برة، أرض العراق حرة حرة".
هذه الثورة ثورة وطن وكرامته وإنقاذه من النفوذ الإيراني، ذلك النفوذ الفاضح الذي دفع سفير إيران في العراق غيراج مسجدي لأن يصرح لتلفزيون عراقي يدعي فيه "أن من حق إيران نقل معركتها للعراق واستهداف من تشاء". وقد تكون إقالة الفريق الركن عبدالوهاب الساعدي قائد مكافحة الإرهاب الشرارة التي أشعلت تلك الثورة، لما يمثله من ولاء للوطن وكرامته، ولكن هذه الثورة ستكون أعمق من ذلك، لقد أظهرت هذه الثورة أن الشعب العراقي مازال متمسكا بوطنيته وعروبته بعد أن ظن عملاء إيران أنهم قد انتزعوها من قلوب العراقيين من خلال تأجيجهم للطائفية، غير أن هذه الاحتجاجات الجماهيرية الكبيرة التي كانت كما يقال عنها إنها ثورة بلا قيادة، وإنها فاقت كل التصورات. ومع ذلك لقد تمكن رئيس الوزراء من احتواء المتظاهرين عندما تعهد بتحقيق مطالبهم المشروعة، مثل توفير فرص عمل للعاطلين، ومنح العاطل مبلغا من المال حتى توفر له الدولة عملا مناسبا له، وتقديم مبالغ مالية للأسر المحتاجة، كما تعهدت الحكومة بالبحث عن المندسين الذين حاولوا إشعال الفتنة وجر العراق إلى الفوضى، والتي أدت إلى سقوط عدد من الجرحى والقتلى بين الجانبين: المحتجين وقوات الأمن. فالاحتجاجات كانت سلمية لم يرفع فيها لا قوات الأمن ولا المحتجون أي نوع من الأسلحة، فكيف سقط هذا العدد من الضحايا أثناء الاحتجاجات؟ لابد من وجود طرف ثالث أراد إشعال الفتنة، نأمل أن تتمكن الحكومة من معرفته وتقديمه للعدالة. قد تخفف الإجراءات والوعود التي قدمها رئيس الوزراء من حدة الاحتقان بين المحتجين والحكومة، ولكن يبدو أن الأزمة مازالت قائمة لأنها أزمة سياسية لا أزمة مطالب، فالمحتجون يطالبون بمحاكمة الزعماء الفاسدين الذين نهبوا ثروات العراق، واختفت في عهدهم مئات المليارات من ثروة الشعب العراقي، إلا أن المفاجأة أتت في تصريح رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض حين هدد بالرد القاسي ضد من أرادوا بالعراق سوءا، وقال إنه وحشده سيدافعون عن دستور ودولة بنوها بالدماء. واعتقد بوجود معركة بينهم كسلطة وبين الأعداء الذين خسروا المعركة معنا، وأكد أنهم في قيادة الحشد يعرفون من يقف خلف تلك المظاهرات، وأنهم جاهزون لأية مهمة تطلبها الحكومة، وأكد أن مخططهم لإسقاط النظام قد فشل، ولا شك أن مثل هذه الآراء قد تستفز الشعب العراقي، ولن يستطيع أحد أن يتصدى لثورته.
مقالات
ثورة الشعب العراقي
16-10-2019