إن الخليج العربي يصل دوله المتشاطئة ببحر العرب والمحيط الهندي، فهو مشترك الاستخدام للدولة التي تقع عليه، حيث تمر عبره آلاف السفن التجارية والنفطية، كما يزخر بثروات طبيعية وسمكية، وقد شهد الخليج حركة تجارية خلال تاريخه لها أثر في علاقات دول المنطقة مع شبه القارة الهندية، وشرق آسيا، وشرق إفريقيا. وفي التاريخ المعاصر شهد الخليج حروباً نظراً لثرواته وأهميته الاستراتيجية، وتهدد حروب أخرى الاستقرار فيه، كما تهدد الملاحة الإقليمية والدولية، وذلك يعني أن هناك مسؤولية مشتركة من الطرفين لتحقيق الأمن والاستقرار لأن المصلحة مشتركة، ويعتبر الخليج العربي ممراً مائياً يتوسطه مضيق هرمز الذي تهدد إيران بإغلاقه كلما ساءت علاقاتها مع الدول الكبرى، كونها أكبر قوة إقليمية من جهة، ودولة نفطية من جهة أخرى، علما أن قانون البحار الدولي لا ينطبق على الخلجان.
ولما كان الخليج في سماته هو الأكبر والأكثر أهمية فإن الضرر يهدد دول المنطقة والدول المستوردة للنفط منه، علاوة على تهديد البنية التحتية لدول المنطقة التي بنتها بما فيها إيران والعراق، ثم جاء الأميركيون والدول الأخرى التي يعبر النفط وتجارتها من خلال هذا الممر المهم ليبقى على صفيح ساخن، ربما السبب هو عدم التوازن في القوة بين دوله، وكذلك للتأثير الخارجي عليه. لقد كانت مشكلة الولايات المتحدة في عصر الصراع في السابق مع الاتحاد السوفياتي والخوف من تمدده إلى الخليج العربي، فظهرت إيران بعد ثورتها عام 1979 لتكون القوة الإقليمية الأساسية التي تهدد أمنه، ومصالح الدول الأخرى، لكن السؤال: هل يتحمل الخليج العربي حرباً رابعة، فكلما مر عليه تطور الأسلحة كانت الحرب أقسى من سابقتها؟ إن أمن الخليج العربي مهدد، خصوصاً أن هناك حرباً مشتعلة بالقرب منه هي الحرب اليمنية، والمطلوب عاجلاً وليس أجلاً منع الحرب وتحريمها، ولجم كل من يحاول إشعالها، فالخليج العربي لا يتحمل حرباً رابعة، وعلى العقلاء أن يتحركوا لمنع قيامها. إن أي حرب تندلع في المنطقة معروفة نتائجها، فلماذا المغامرة بها؟ لقد كانت إيران عبر تاريخها قبل النفط لا تهتم بالملاحة والتجارة في الخليج العربي، ولديها منافذ بحرية غيره، لكنها بعد ثورتها الأخيرة صار لديها أهداف استراتيجية بتصدير الثورة والمذهب والتمدد خارج حدودها، خصوصا في العراق ومنطقة الخليج العربي، وتعتبر نفسها حامية للخليج ومسؤولة عن الدفاع عنه ضد القوى الدولية. الخليج العربي ليس ملكاً لجهة بعينها إنما هو لمصالح دوله ودول العالم، ولا يحتمل حرباً رابعة، ومن دراسة تاريخ الحروب وبخاصة في هذه المنطقة نعرف أن نتائج أي حرب ستكون سلبية، ولذلك يجب معارضة الحرب مبدئياً لأن المستفيد الوحيد هو عدو هذه الشعوب، وستكون الحرب حرقاً لما تبقى من عائدات النفط، فيا عقلاء المنطقة امنعوا وحرموا الحروب، فهي دمار للشعوب ومكاسبها.
مقالات
الخليج العربي لا يحتمل حرباً رابعة
16-10-2019