يخيم القلق على جميع الأطراف العراقية من احتمال تجدد تظاهرات احتجاجية واسعة، خلال مراسم أربعين الحسين، في مدينة كربلاء المقدسة، أو في موعد بدأ التحشيد له بقوة، بعد هذه المراسم، وذلك دون ضمانات بألا تلقى الاحتجاجات الجديدة مصير تلك التي سبقتها مطلع الشهر، والتي كان ضحاياها أكثر من 120 قتيلاً في استخدام غير مسبوق للقوة المميتة.وينشغل جنوب العراق ذو الأغلبية الشيعية بأربعين الحسين غداً وبعد غد، مع تدفق للزائرين من دول الخليج والهند وباكستان ولبنان، مع ملايين الزائرين الإيرانيين، وسط أجواء أمنية مليئة بالحذر والترقب، وخصوصاً بعدما أعلن المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني شجبه لمن وصفهم بمجرمين أطلقوا النار على شباب الاحتجاجات أمام مرأى القوات الأمنية.
وانقسم أنصار الاحتجاج إلى فريقين، الأول يدعو إلى تحويل المناسبة الحسينية إلى فرصة للتظاهر ضد قمع الحكومة، والمطالبة بإسقاطها، الأمر الذي يجري رفضه على نطاق واسع مخافة حدوث خرق كبير داخل الطقس الديني المزدحم بملايين الزائرين، وسط أنباء عن وجود الميليشيات وعناصر من الحرس الثوري الإيراني بكثافة بذريعة حماية الزائرين.أما الفريق الآخر، فيحشد بقوة لتظاهرات كبيرة في مختلف المدن يوم ٢٥ الجاري، وهو موعد يتزامن مع انتهاء مهلة المرجع السيستاني للحكومة بالكشف عن الجناة في ملف قتل المتظاهرين.ويقول كثير من المراقبين إن خطابات السيستاني ورئيس الجمهورية برهم صالح أكدت المعلومات والشهادات بتورط فصائل مسلحة في إطلاق النار، فضلاً عن اعتراف الحكومة بوجود قناصين مجهولين تسببوا في قتل وإصابة المئات، وهو ما يدعو إلى القول إن الخرق الأمني بهذا الحجم هو نوع من «الانقلاب» على القوات المسلحة العراقية التي تحاول إثبات قوتها، وخصوصاً بعد انتصارها على تنظيم داعش في الحرب الطويلة أخيراً.وسيكون تجدد التظاهرات في الموعدين اختباراً حقيقياً لمستقبل حكومة عبدالمهدي، الذي يواجه كذلك مطالبات نيابية بانتخابات مبكرة قد تعني انعدام فرصته في ترؤس الحكومة الجديدة، وهي خسارة مدوية لسياسي مخضرم عُرف عنه انحيازه للسياسات المعتدلة، ووجد نفسه في إطار أقوى وأعنف قمع للتظاهرات شهده العراق منذ ١٦ عاماً.واتسمت تظاهرات مطلع أكتوبر، التي استمرت خمسة أيام، بعدم وجود أنصار الأحزاب فيها، لكن التحشيد لتظاهرات ٢٥ الجاري مرشحة لأن تحظى بتضامن قوى اليسار وأنصار مقتدى الصدر وأطراف أخرى، مما سيصعب على الحكومة اتهام المتظاهرين بالتبعية لحزب البعث أو أي أطراف تخريبية، ويعزز هدف الاحتجاجات بالضغط على الحكومة للكشف عن الجناة، وهي مهمة صعبة لا يبدو أن عبدالمهدي سينجح في تقديم نتائج تقنع الجمهور، وخصوصاً أنه من الصعب دخول مواجهة سريعة ومباشرة مع الفصائل المسلحة التي تُتهم بتورطها في ذلك.
أخبار الأولى
تحشيد لتظاهرات جديدة يقلق الجميع بالعراق
17-10-2019