في إطار استقرائها آراء الخبراء وذوي الشأن البرلماني والدستوري حول رد المجلس الأعلى للقضاء على المقترح البرلماني بإنشاء الأحزاب السياسية في الكويت، أجرت «الجريدة» اتصالاً هاتفياً مع نائب رئيس مجلس الأمة الأسبق مشاري العنجري، أكد خلاله أن تصدي «الأعلى للقضاء» وأعضائه لبعض استفسارات أي جهة والرد عليها يعرضهم للنقد والتجريح لا كقضاة بل كجهة إفتاء.وأضاف العنجري، في رده على سؤال «الجريدة» خلال الاتصال، أن رأي المجلس جانبه الصواب من ناحيتين: الأولى أن إبداء مثل هذا الرأي ليس من اختصاصه، والأخرى أن رأيه جاء مجافياً للتفسير الجلي لنص المادة (43) من الدستور.
وأكد أن رفضه لرأي «الأعلى للقضاء» لا يعني تأييده صدور مثل ذلك القانون حالياً في الكويت، «لأن لدينا محاذير وشروطاً وبيئة سياسية ينبغي إعدادها أولاً، لتكون أرضاً خصبة» لمثل تلك الأحزاب، وفي مقدمتها مراعاة الوضع الدقيق والحرج الذي تمر به المنطقة ككل، والكويت جزء منها. وفيما يلي نص إجابة العنجري عن سؤال «الجريدة»:«يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: (إن الله يأمر بالعدل...)، (... وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل...). وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة عن العدل، وتنص المادة (162) من الدستور على الآتي: (شرف القضاء ونزاهة القضاة وعدلهم أساس الملك وضمان للحقوق والحريات)، من هذه المنطلقات فإن رسالة القضاء يجب ألا تخدش بفتوى أو برأي خارج نطاق اختصاصها في إقامة العدل، ولذلك فإن تصدي المجلس الأعلى للقضاء لبعض الاستفسارات والأسئلة من أي جهة والرد عليها، يعرض المجلس وأعضاءه الكرام للنقد والتجريح لا كقضاة وإنما كجهة إفتاء.وقد جاء اختصاص المجلس الأعلى للقضاء في إبداء الرأي في المادتين (17) و(71) من قانون تنظيم القضاء، فالمادة (17) منه تحدد بشكل حصري اختصاص المجلس الأعلى للقضاء، وليس فيه إفتاء أو إبداء رأي، وخصوصاً في أمور قد تكون محل طعن قضائي في المستقبل.وحددت المادة (71) من قانون تنظيم القضاء اختصاص المجلس بإعداد تقرير سنوي، أو كلما رأى ضرورة لذلك، يتضمن النقص في التشريعات القائمة أو غموضاً فيها، وما يراه لازماً للنهوض بالعدالة يرفعه وزير العدل إلى مجلس الوزراء.ومما تقدم، فإنني أرى أن المجلس الأعلى للقضاء عندما رد على استفسار بشأن الاقتراح بقانون حول موضوع شرعية تكوين الأحزاب في البلاد قد جانبه الصواب من ناحيتين:الأولى، الرد على استفسار في شأن ليس من اختصاصه، وقد يكون الرأي عرضة للطعن القضائي في المستقبل إذا ما صدر قانون بذلك.ومن ناحية أخرى، فإن رأيه مجافٍ لما ورد في التفسير الجلي للمادة (43) من الدستور، حيث جاء في نهاية تفسير هذه المادة ما يلي: (وعليه فنص المادة 43 من الدستور لا يلزم بحرية الأحزاب ولا يحظرها، وإنما يفوض الأمر للمشرع العادي دون أن يأمره في هذا الشأن أو ينهاه). والسؤال هنا: ماذا لو صدر مثل هذا القانون الذي ينظم الأحزاب في البلاد وتم الطعن في هذا القانون من أي جهة لها حق الطعن فيه؟ فما هو موقف رئيس وأعضاء مجلس القضاء الذين هم أعضاء في المحكمة الدستورية؟ وما موقفهم من المادة 102 البند (و) من قانون المرافعات، التي تنص على الآتي:(يكون القاضي غير صالح لنظر الدعوى، ممنوعاً من سماعها، ولو لم يرده أحد من الخصوم إذا كان قد أفتى في الدعوى أو كتب فيها).والمادة (103): (يقع باطلاً عمل القاضي أو قضاؤه في الأحوال المشار إليها في المادة (102) ولو تم باتفاق الخصوم).على أن كل ما تقدم لا يعني أننا نؤيد صدور مثل ذلك القانون حالياً في الكويت، لأن لدينا محاذير وشروطاً وبيئة سياسية ينبغي إعدادها أولاً، لتكون أرضاً خصبة وفي مقدمتها مراعاة ذلك الوضع الدقيق والحرج الذي تمر به المنطقة ككل، والكويت جزء منها، وما لدى محيطنا العربي من تركة تجارب مأساوية في هذا الصدد، وإلا فسنكون كالمستجير من الرمضاء بالنار...».
محليات
العنجري لـ الجريدة.: رأي «الأعلى للقضاء» بشأن الأحزاب جانبه الصواب
21-10-2019