هبوط أسعار الخام يضغط على صناعة الزيت الصخري
أظهرت مجموعة من المؤشرات الأخيرة صورة مقلقة بالنسبة الى النفط الصخري، كان أبرزها هبوط الأسعار وفقدان القدرة على الاتصال مع أسواق رأس المال وتدني مستويات الإنتاج الصناعي في الصين، مع ما يستتبع ذلك من تأثيرات على الكثير من القطاعات الاقتصادية في دول أخرى أيضاً.وبعد أن أظهرت صناعة النفط الصخري درجة من التحسن في الأشهر الأخيرة عادت الى الانكفاء النسبي بصورة مثيرة للقلق الشديد حول عمليات الحفر، كما أثارت أسئلة حول مدى استمرار ازدهار النفط غير المربح في المستقبل. وعلى سبيل المثال، فقد خفضت المحللة في شركة امبيريال كابيتال آرين هاس توقعاتها في الأسبوع الماضي لتقدم اكستراكشن أويل & غاز، وهي شركة حفر للنفط الصخري، وخفضت سعر سهمها المستهدف من 7 دولارات الى دولارين فقط.
وقد هبط سعر سهم هذه الشركة بنسبة 9 في المئة خلال تداولات الأسبوع الماضي، قبل أن تستعيد البعض من السعر السابق.وعلى الرغم من التقلبات في الوضع الصناعي الكندي، تقول هاس إن من المرجح أن يستقر إنتاج شركة إكستراكشن خلال الربع الثالث من هذا العام، نتيجة الانقطاع غير المخطط في عمل نظام غاز وسترن. والأكثر أهمية، على أي حال، هو ما تحدثت عنه المحللة هاس عن ضعف وضع تلك الشركة مقارنة مع بقية الشركات في هذا الحقل، وخاصة في المستقبل المنظور، وأشارت الى أن شركة إكستراكشن قد لا تكون مجهزة لمواجهة مزيد من الهبوط في أسعار السلع. وتكمن بارقة الأمل الوحيدة في خضم التوترات الإقليمية المتصاعدة على الحدود بين سورية وتركيا، وكذلك موجة المظاهرات الاحتجاجية ضد تدهور الوضع الاقتصادي وفرض الضرائب الجديدة في لبنان تكمن في التصريحات التي صدرت عن الرئيس الأميركي دونالد ترامب حول احتمال التوصل الى اتفاق على إنهاء الحرب التجارية مع الصين في منتصف شهر نوفمبر المقبل، والذي يعني بشكل تلقائي زيادة الطلب على النفط ورفع أسعاره.وكانت وكالة الطاقة الدولية قالت، في تقرير لها عن وضع سوق النفط، أصدرته في الشهر الحالي، إن التباطؤ في عمليات الحفر في مواقع النفط الصخري «دفعنا الى تقليص توقعاتنا بصورة طفيفة لإنتاج الخام في عامي 2019 و2020».من جهة أخرى، يمكن تأكيد أن الفكرة القائلة إن ذروة الطلب على النفط ستحدث في وقت قريب ويعقبها هبوط في استهلاك الخام هي مجرد فكرة أحادية الأبعاد، ومبنية على تصورات تغيّر المناخ ولا تأخذ في الحسبان عوامل عدم الاستقرار في أكثر من دولة في الشرق الأوسط.والأكثر من ذلك وجود حقيقة تقول إن التغير السريع في وضع النفط لن يغير بين عشية وضحاها الطلب العالمي الذي يبلغ 100 مليون برميل باليوم، في عالم يستمر الطلب فيه على النفط بالازدياد مدفوعاً بنمو الاستهلاك من الدول في خارج منظمة أوبك.ويسود توجّه عام في الوقت الحالي نحو التفكير بأن العالم لا يتغير بسرعة كافية لتفادي الاحتباس الحراري المحتمل، كما أن إدارة معلومات الطاقة الأميركية أشارت في تقرير لها حول الأسواق النفطية الى أن الطلب على النفط سيستمر في الازدياد حتى عام 2050، وهي توقعات تخالف أهداف اتفاقية باريس حول تغيّر المناخ.تجدر الإشارة في هذا السياق الى أن مضاعفات أمن الطاقة تتسم بأهمية بالغة، إضافة الى أن تعويل العالم سيستمر على النفط والغاز، على الرغم من مؤشرات ضعف الأداء الاقتصادي في شتى دول العالم، وحتى المتقدمة منها ولفترات يصعب تحديدها في الوقت الراهن.