المثقف وناس الثورات
![طالب الرفاعي](/theme_aljarida/images/authorDefault.png)
ليس عبثاً أن المواطن العربي يتعلق بأي مطرب أو ممثل شاب أو شابة، أياً كان مستوى وعيه وتفكيره، بينما هو لا يعلم عن أهم كتّاب بلده. وأنا هنا أتكلم عن حالة عامة، مؤكَّدٌ أن هناك فئة قليلة من الشعوب العربية على وصل واتصال بالفكر والكتاب والكاتب، لكن الحالة العامة تقول بأن سير أي عالم عربي أو كاتب في أي مكان عام لا يُقارن بما يلاقيه أي فنان يواجه الجمهور في أي مكان. صحيح أن الفنان يقدم مادة ترفيهية، وصحيح أيضاً أن وسائل الإعلام تلعب دوراً كبيراً في ذلك. لكن الصحيح أيضا أنه قد حان الوقت لكي يقف المفكر والمبدع العربي أمام نفسه ليسأل السؤال الكبير: لماذا أنا في بعد عن الناس؟ ولماذا الناس في بعد عني؟ما جرى مؤخراً في العراق، وتالياً في لبنان، وقبل ذلك في الجزائر وتونس والأردن واليمن، كل هذه المآسي ولم نسمع صوتاً أو بياناً لمبدع عربي، كبيراً أو صغيراً! كل هذا ولم نسمع رأياً موضوعياً يحلل ما يجري ويسنده إلى أسبابه الموضوعية ويرى المستقبل! كل هذا -كما قال الزميل عبده وازن- والمبدع والمفكر والفنان العربي لاهٍ بنفسه ونتاجاته وعالمه، وربما كتب جملة عابرة على "تويتر" أو "فيس بوك" أو أنزل صورة له على "الانستغرام" وهو بقرب موقع حدث ملتهب! نعم، المفكر والمبدع والمثقف العربي غائب فرداً، وغائب جماعة عن الحدث الشعبي، عن الثورة الشعبية، عن الموات اليومي الذي يمر به المواطن. ونعم، يعاقب المواطن هذا الإنسان المفكر والمبدع والفنان، بأن يتخلى عنه ويتركه لشأنه. فمن تركني لشأني ملت عنه وتركته لشأنه.أعرف أن مقالي هذا قد يستثير الكثير من الزملاء للدفاع عن أنفسهم، وعن مواقفهم، وهناك من سيدلل على أنه نشر مقالاً أو تغريدة تدين ما يحصل. لكن، هذا هو الاستثناء الذي يؤكد القاعدة. فالقاعدة كلنا سكوت، ولا أستثني أحداً، وكلنا -كتّابَ رواية وقصة وشعر ومسرح وتشكيليين ومسرحيين- لاهون بكتاباتنا الشخصية، ونهرول راكضين إلى أول دعوة تصل إلينا من أي معرض كتاب أو تظاهرة أو تجمع، لكي نحضر هناك ونقدم أوراقنا بأفكارنا العظيمة... بينما الآخر؛ جموع الآخر، الشعوب العربية تعيش عالمها اليومي المختلف، عالمها المعجون بالثورة وبالدم والموت.المفكر والمبدع غريب عن ألم شعبه، إلا فيما ندر، ولذا يعاقبه أبناء شعبه بتجاهله ونكران حضوره!