لا ينبغي الابتهاج بعودة منحنى العائد الأميركي إلى طبيعته

نشر في 23-10-2019
آخر تحديث 23-10-2019 | 00:00
No Image Caption
مع ترقب اجتماعَي البنك المركزي الأوروبي والاحتياطي الفدرالي هذا الشهر، والمتوقع أن يشهدا حفاظ صناع السياسات في القارة العجوز والولايات المتحدة على موقفيهما من التيسير النقدي، يواصل منحنى العائد الأميركي عودته إلى طبيعته بعد الانقلاب الذي أثار مخاوف الكثيرين حول العالم.

لكن مثلما قلل البعض من هذه المخاوف بالقول إن انقلاب منحنى العائد الأميركي ليس دليل قدوم الركود قريبًا، يرى الخبير الاقتصادي «محمد العريان» أنه لا ينبغي التسرع في اعتبار عودة المنحنى إلى شكله الطبيعي إشارة خير بالنسبة لما ينتظر الاقتصاد.

الخطر لم يكن وشيكاً

انقلب منحنى العائد الأميركي خلال الصيف، وسط تزايد المخاوف مما يعنيه ذلك، حتى أن خبراء صندوق النقد حذروا في أوائل يوليو الماضي، من أنه ينذر بتباطؤ حاد للاقتصاد الأميركي، لكن دون الإشارة إلى نطاق زمني محدد.

ورغم المخاوف بشأن الركود الوشيك للاقتصاد الأميركي، قلل العديد من الخبراء والمراقبين من قلق الأسواق بشأن الانقلابات المتكررة مؤخرًا في منحنى العائد، والتي يرون أنها حدثت بسبب تشوهات عدة للعلامات في السوق لا لعوامل أساسية.

وعلى سبيل المثال، يقول هؤلاء المعارضون لفكرة الركود الوشيك بسبب انقلاب منحنى العائد، إن الأساسيات الاقتصادية المسببة للركود ليست واضحة إلى الآن للحكم بقدومه، ويشمل ذلك، فوران الاقتصاد، وارتفاع التضخم الذي يتسبب في تشديد السياسة النقدية.

وفي منتصف أغسطس الماضي، قالت رئيسة الاحتياطي الفدرالي السابقة جانيت يلين إنه من الخطأ أن تعتبر الأسواق انقلاب منحنى العائد إشارة الى ركود وشيك في الولايات المتحدة هذه المرة.

وترى يلين أنه رغم نجاح منحنى العائد في التنبؤ بالركود تاريخيًا، فإنه قد يكون إشارة غير صحيحة هذه المرة، معللة ذلك بأن هناك عوامل عدة تدل على قوة الاقتصاد الأميركي، بما يمنحه القوة الكافية لتجنب الركود.

الآفاق الاقتصادية لم تتغير

على مدار الأسابيع القليلة الماضية، كان منحنى العائد في الولايات المتحدة يستعيد ببطء وتدريجيًا شكله الصعودي التقليدي، حيث يتم تداول السندات ذات الأجل الأطول عند مستوى أعلى من نظيرتها ذات الأجل الأقصر.

وبالنسبة للمنحنى الأكثر متابعة، والذي يحدد العلاقة بين عائدات سندات الخزانة لأجل عامين ولأجل 10 أعوام، فقد تداولت السندات الأطول أجلاً عند عائد 1.75% بنهاية تعاملات الأسبوع الماضي، أي أكثر بـ17 نقطة أساس عن عائد نظيرتها الأقصر أجلاً.

ومن الصعب القول بأن عودة المنحنى إلى شكله الطبيعي كان مدفوعاً بتحسن المؤشرات الاقتصادية، فالحقيقة أنها تسوء أكثر، بما في ذلك الانخفاض المفاجئ في مبيعات التجزئة الأسبوع الماضي، الأمر الذي أثار مخاوف كبيرة بشأن استهلاك الأسر الذي يعد أحد المحركات الرئيسية للاقتصاد الأميركي.

علاوة على ذلك، كان تدهور المؤشرات أكثر وضوحًا على المستوى العالمي، خاصة في الصين وأوروبا، ولا عجب أن ذلك دفع صندوق النقد الدولي إلى خفض توقعات النمو إلى أدنى مستوياتها منذ الأزمة المالية.

لذلك، فكما كان انقلاب منحنى العائد في البداية نتيجة تشوه العلامات في الأسواق، واستبعاد الكثيرين لفكرة قدوم الركود، فإن عودته إلى طبيعته ما هي إلا تذكير آخر بكيفية تشوه الإشارات بفعل السياسات غير التقليدية.

تضارب إشارات البنوك المركزية

رغم علامات الضعف في الاقتصاد العالمي، تراجع حماس البنوك المركزية إزاء استمرار استخدام التدابير غير التقليدية، مثل أسعار الفائدة السالبة وشراء السندات على نطاق واسع، ومع ذلك، فإن هذا التخفيف تبدو فوائده الاقتصادية المستدامة محدودة (إن وجدت بالأساس).

كما أنه يغذي المخاوف المتزايدة بشأن خطر عدم الاستقرار المالي مستقبلاً، وسوء تخصيص الموارد على الصعيد الاقتصادي، والسلوكيات المتناقضة لأولئك الذين يسعون وراء تأمين مستقبلهم، ما يقود إلى أمور مثل ارتفاع الادخار ويهدد منتجات التقاعد منخفضة المخاطر والتأمين على الحياة.

ومن بين الإشارات التي تعكس انحسار حماس البنوك المركزية؛ المعارضة الصريحة من جانب بعض المسؤولين الحاليين والسابقين في المركزي الأوروبي لإجراءات التيسير الكمي، والتقارير الإعلامية التي تشير إلى شهية أقل لدى مسؤولي الفدرالي الأكثر ميلا للتخفيف بشأن الخفض الملحوظ للفائدة.

back to top