نيران لا تنطفئ
هل يمكننا تفادي الخلافات والنزاعات؟ وهل هناك استراتيجيات فاعلة لتفادي الاختلافات؟ وكيف نهنأ بدولنا «النفطية حاليا» ببيئة تنموية سليمة مستقبلها المزيد من الازدهار دون هاجس النزاع الإقليمي؟ لو تجولنا في المناهج التعليمية للمرحلة الجامعية واختبرنا فعاليتها تجاه فهم واستيعاب مناطق الشرق الأوسط الملتهبة وسط عالم لا يعرف إلا المصالح، ولا يبحث إلا عن نقاط ضعف قابلة للاشتعال ليستمتع بنيران لا تنظفئ، لوجدنا مناهجنا مليئة بسيناريو الأمن والسلام فقط، مبتعدة كل البعد عن تدريب العقل على الفكر النقدي، والتعامل مع مستقبل اقتراضي غير واقعي لتدريب العقل على تقبل كل الاحتمالات. ففي أميركا وبريطانيا تأتي القنوات الإعلامية لتسد تلك الثغرة عبر البرامج الحوارية ذات السقف العالي، أما الإعلام العربي فقد أصبح «ذاتي القيود»، وذا سقف منخفض لا تمر تحته إلا كلمات الإطراء والمدح، ويقف «متخشباً» أمام التظاهرات والانتفاضات، تاركا المواطن العربي في تجواله ذهاباً وإياباً في القنوات الأجنبية باحثاً عن المصداقية. أما أساليب التحليل الإخباري فمازالت، في برامجنا الإعلامية، بعيدة كل البعد عن المهارة في التحليل الصحيح والواقعي، ومع قرب موسم الانتخابات سيبرز «فلان» وقد تحول من «مسولفجي» إلى محلل سياسي، قد قرر أن السلوك الانتخابي عائلي بامتياز، وأصبح بقدرة قادر يقرأ نوايا المرشحين ويفترض اعتمادهم على عائلات تدعمهم، وخطورة هذا النوع من التحليل، حتى إن حمل جانباً من الصحة، هو تعزيز القبلية والعائلية والعشائرة كعنصر وحيد مؤثر في قرار الناخب.
وللمهتمين بقراءة الأحداث وتحليلها أقول: هناك مدارس فكرية سلوكية تعود لفترة ما قبل الزمن الإغريقي القديم، الذي عرف باستقطاب الحروب والأزمات، جاذباً هواة العلم والمعرفة والمهارات التحليلية من التخصصات المختلفة لدراسة دوافع قيام الحروب والنزاعات، والوصول إلى مقومات السلام والأمن، ومنها انطلقت المدارس التحليلية المختلفة الواقعية والمثالية. وللحديث بقية.كلمة أخيرة:استضافت إحدى الجامعات الخاصة مؤتمراً حول التعليم الإلكتروني، فانطلقت الأوراق العلمية بكل الاتجاهات معلنة أفول زمن المؤسسات التعليمية التقليدية، وحتمية الولوج إلى الزمن التقني واللحاق به، واللافت للنظر مشاركة قياديي التعليم العالي بالإضافة إلى العديد من الكتّاب، وبانتظار صدور قائمة من الجامعات الجيدة للتعلم الإلكتروني أسوة بدول خليجية مجاورة فتحت بوابة التعليم للجميع، وأطلقت العنان للجودة، أما نحن فما زال البعض يريد تجريد وتجريم المتعلم الذي اختار لنفسه هوية علمية لتطوير ذاته لا أكثر.