مصر بين ثورتين
اتبعت القنوات الإخوانية كثيراً من الحيل لخداع المشاهدين وإقناعهم بأن ما يشاهدونه صور حية لثورة انتشرت في ميادين مصر، ولحسن المصادفة أنني في الجمعة التي زعم الإخوان أنها ستشهد مظاهرة ضخمة كنت في القاهرة، وسكنت قريبا من ميدان التحرير، وتجولت في الصباح وسط القاهرة وحي الأزهر والحسين ولم أشاهد شيئا مما تدعيه.
"مصر بين ثورتي 1919 و2019" هذا هو عنوان ندوة أقامتها جماعة الإسلام السياسي في إسطنبول في الـ9 من أكتوبر الجاري، ورأوا فيها أن مصر خلال المئة عام، أي خلال قرن من الزمن، شهدت ثورتين مهمتين قادتا مصر إلى التغيير والتنوير: الأولى 1919 التي قادها سعد زغلول ورفاقه ضد الاحتلال الإنكليزي، أما الثورة الثانية، من وجهة نظر، الإخوان فهي ثورة 2019 التي نادى بها الممثل المغمور محمد علي من مقر إقامته في إسبانيا، أما بالنسبة إلى ثورة سعد زغلول فيحتفل فيها المصريون في كل عام، ومسجلة في تاريخهم، ويفتخرون بها، وكان الزعيم سعد زغلول أحد شباب ثورة عرابي، وتجاوب شعب مصر مع تلك الثورة من أجل نيل استقلالهم. أما بالنسبة إلى الثورة التي يروج لها الإخوان، ويزعمون أنها ثورة، وأنها انتشرت في كل ميادين مصر، وادعوا أن مصر ستشهد في الجمعة الثالثة حشوداً مليونية، وسيصعب على العسكر أن يتصدى لها، فقد قامت القنوات الخاضعة للإخوان بتلفيق الأكاذيب وتزوير الحقائق، وعرضت صوراً وحشوداً لمظاهرات قديمة حدثت في مصر، وادعت أن تلك المظاهرات تحصل في ميادين مصر في الوقت الراهن.
واتبعت القنوات الإخوانية كثيراً من الحيل لخداع المشاهدين وإقناعهم بأن ما يشاهدونه صور حية، ولحسن المصادفة أنني في الجمعة الثالثة التي زعم الإخوان أنها ستشهد مظاهرة ضخمة كنت في القاهرة، وسكنت قريبا من ميدان التحرير، وتجولت في الصباح في وسط القاهرة وحي الأزهر والحسين، وذهبت إلى الجيزة، وتناولت الغذاء في مطعم في الزمالك، وزرت زميلا في مصر الجديدة، وفي المساء شاهدت عرضاً في دار الأوبرا قدمته فرقة الحضرة، وكان مسرح الأوبرا غاصا بالمشاهدين الذين استمتعوا بالعرض الفني الرائع الذي قدمته الفرقة. لم أشاهد خلال الأيام الأربعة التي قضيتها في مصر المظاهرات والاحتجاجات الضخمة واحتكاك الجماهير الغاضبة مع رجال الأمن واستخدام القوة المفرطة لتفريق المحتجين، وغير ذلك من الأكاذيب التي ترددها قنوات الإخوان، بل شاهدنا ميادين مصر مليئة بالجماهير المصرية المرحة، وكانت الشوارع خالية حتى من رجال الأمن، فالشعب المصري هو الذي يحمي شوارعه وميادينه من الإرهاب الديني المتطرف. كما كانت فنادقها مكتظة بالسياح من شتى دول العالم من أوروبا وأميركا واليابان ودول الخليج، وإذا نزلنا في الصباح لتناول الإفطار في مطعم الفندق نضطر للانتظار حتى نحصل على طاولة بسبب الازدحام؛ مما يدل على ازدهار السياحة، وهذا مؤشر يؤكد على توافر الأمن والاستقرار في الدولة المصرية، بعكس ما يروج له الإعلام الإخواني من أكاذيب وأضاليل. يسعى الإخوان من وراء رواياتهم الكاذبة إلى جر مصر إلى الفتن والفوضى، وأثبت التاريخ أن مصر أقوى من مؤامراتهم، "وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ"، وعلى الباغي ستدور الدوائر.