شنّ الرئيس السوري بشار الأسد، أمس، هجوماً حاداً على الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، مشدداً على أن "معركة إدلب هي الأساس لحسم الفوضى والإرهاب في كل المناطق".

وخلال زيارته خطوط الجبهة الأمامية ضد فصائل المعارضة في الهبيط بريف إدلب الجنوبي لأول مرة منذ 2011، قال الأسد: "إردوغان لص سرق المعامل والقمح والنفط واليوم يسرق الأرض"، مضيفاً :"عندما نتعرض لعدوان أو سرقة يجب أن نقف وننسق مع بعضنا، ولكن البعض لم يفعل وخاصة بالسنوات الأولى للحرب، وقلنا لهم لا تراهنوا على الخارج بل على الجيش والشعب والوطن".

Ad

ومضى الأسد: "أول عمل قمنا به عند بدء العدوان في الشمال، هو التواصل مع مختلف القوى السياسية والعسكرية على الأرض، وقلنا نحن مستعدون لدعم أي مجموعة تقاوم، وهو ليس قراراً سياسياً بل واجب دستوري ووطني، وإن لم نقم بذلك لا نكون نستحق الوطن".

وشدد الأسد على أن "معركة إدلب هي الأساس لحسم الفوضى والإرهاب في كل مناطق سورية"، مبيناً أن "إدلب كانت لهم مخفراً متقدماً في الغرب لتشتيت الجيش السوري". وأكد على أن "كل المناطق في سورية تحمل نفس الأهمية، ولكن ما يحكم الأولويات هو الوضع العسكري على الأرض".

قصف وتنسيق

ولاحقاً، قال قائد في فصائل المعارضة إن: "القوات الحكومية وسلاح الجو الروسي أعادت قصف مناطق بإدلب واللاذفية بعد فترة هدوء نسبي خلال الأيام الماضية"، موضحاً أنها استهدفت بلدات معرتحرمة وكفرسجنة وجبالا وعدد من القرى في ريف إدلب الجنوبي بالمدفعية وراجمات الصواريخ، كما تناوبت ثلاث طائرات مروحية على إسقاط البراميل المتفجرة على منطقة كبينة بريف اللاذقية".

ورجح القائد أن تستأنف القوات الحكومية والروسية العمليات بريف إدلب خلال أيام للسيطرة على طريق حلب حماة، وذلك نظراً للتحليق المكثف من طائرات الاستطلاع بالمنطقة.

ومع دخول الجيش السوري قرى جديدة جنوب غرب تل تمر بريف الحسكة منها الضبيب بموجب الاتفاق مع الوحدات الكردية، كشف مسؤولون أتراك عن اتصالات عبر قنوات سرية مع حكومة الأسد لتفادي المواجهة المباشرة شرق الفرات.

وأوضح ثلاثة مسؤولين أتراك أن أنقرة ودمشق، مدفوعتين بالحرص والحذر، أقامتا قنوات اتصال سواء في شكل اتصالات عسكرية ومخابراتية مباشرة أو بطريق الرسائل غير المباشرة عبر روسيا لتجنب أي مشاكل في أرض الميدان.

وخلال استقباله إردوغان، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين: "وضع سورية عصيب جداً، ونحن نرى ونفهم كل شيء، وأعتقد أن لقاءنا اليوم في مكانه، ومشاوراتنا مطلوبة بشدة"​​​، آملاً أن "يلعب مستوى العلاقات الرفيعة دوراً مثالياً في تسوية جميع المسائل العالقة، وإيجاد حلول مشتركة لمصلحة كل الأطراف".

وإذ توقع التوصل إلى اتفاق مع بوتين على جميع المسائل، رفض إردوغان اقتراحاً قدمه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لنظيره الروسي من أجل "تمديد وقف إطلاق النار" ضد الأكراد، مهدداً باستئناف هجومه "بعزم أكبر" إذا لم يحترموا وعود الأميركيون ويستكملوا انسحابهم قبل انتهاء المهلة.

وقال الرئيس التركي: "لم أتلقَ مثل هذا الاقتراح من ماكرون الذي يلتقي إرهابيين واختار هذه الوسيلة ليبلغنا اقتراح الإرهابيين"، مضيفاً: "ليست فرنسا من نتحدث إليها" في هذا الملف.

وأضاف إردوغان أن "700 إلى 800 مقاتل كردي انسحبوا حتى الآن، وبقي بين 1200 و1300 والعملية لن تنتهي من دون الانسحاب الكامل"، مؤكداً أن المنطقة الآمنة، التي يُفترض أن تمتدّ في البداية على طول 120 كلم من رأس العين إلى تل أبيض، يجب أن تتوسّع على 444 كلم من جرابلس إلى حدود العراق.

ويضع إردوغان في صلب محادثاته مع بوتين إنهاء وجود الوحدات الكردية بمناطق النظام بالإضافة إلى حسم مصير إدلب، آملاً أن "يفضي تعاونهما إلى إنقاذ المنطقة من كارثة الإرهاب الانفصالي".

وفي حين دعا إردوغان نظيره الإيراني حسن روحاني إلى "إسكات الأصوات المزعجة" الصادرة من بعض مسؤوليه حيال عملية "نبع السلام"، كشف مستشار الكرملين يوري أوشاكوف أن محادثات بوتين وإردوغان تناولت مسألة حماية المناطق النفطية، التي استثنت واشنطن سحب قواتها منها وتعهدت بمنع الأسد من الوصول لها.

وللمرة الأولى، اقترحت وزيرة الدفاع الألمانية أنيغريت كارينباور إنشاء منطقة أمنية شمال سورية تخضع لسيطرة دولية بمشاركة تركيا وروسيا لحماية المدنيين النازحين وضمان استمرار قتال تنظيم "داعش".

وذكرت كارينباور أن الخطوة ستسهم في استقرار المنطقة حتى يتمكن المدنيون من إعادة البناء ويتمكن اللاجئون من العودة طوعاً، مشيرة إلى أنها على اتصال وثيق بالمستشارة أنجيلا ميركل وأبلغت أهم حلفاء ألمانيا بالاقتراح، الذي إذا لاقى دعم تركيا وروسيا، فمن المتوقع أن ترسل برلين جنوداً إلى سورية في إطار المهمة.

ووفق المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف فإن المبادرة الألمانية جديدة وموسكو ليس لديها موقف محدد منها حتى الآن، معتبراً القوات الوحيدة التي الموجودة بسورية بطريقة شرعية هي الروسية.