في تفاهة الإدارة
بين فتوى وزارة الأوقاف بتحريم المساهمة في الاكتتاب بشركتي بورصة الكويت وشمال الزور، وقرار وزارة الفكر والثقافة (الإعلام) بتشكيل لجنة تبحث في هزة كتف حفلة، ثم إصدار قرار خلال ساعتين بعقوبة الشركة المنظمة للحفل، يظهر لنا مدى خواء وتفاهة هذه الإدارة السياسية. التفاهة هنا بمعنى ضياع هذه الحكومة، وعجزها المتأصل في إدارة أبسط شؤون الدولة، وعدم درايتها واكتراثها لما يجري في مؤسساتها.فماذا يعني أن تفتي مؤسسة رسمية كوزارة الأوقاف بحرمة عمل مالي منسوب للدولة ذاتها؟ غير أنه لا وزير أوقاف هذه الوزارة ولا رئيس الحكومة يدريان بالتخبط في أجهزة الدولة حين تدار بجهل وحماقة المسؤولين عنها – إن كان هناك حقيقة أي مسؤولين على مستوى المسؤولية - وإذا كانا يعلمان، أي الوزير ورئيس الوزراء، بما يصدر من تفاهات مؤسساتهما فالمصيبة هنا أعظم، ولا عذر لهما.
ليس هذا مكان تكرار كليشيهات إعلامية سمجة، كأن نقول إن قرارات الحكومة مصادرة من الجماعات الإسلامية أو الكتل السياسية المحافظة، والمزايدة التي تفرض إرادتها على سلطة الحكم، أو نقول إن دولاً عميقة تحيا في جوف هذه الدولة غير دولة الفساد والتواكل واللامبالاة الريعية، وهي الدولة الرجعية المنغلقة، فكل هذا حديث مستهلك ليست له مصداقية على أرض الواقع.اتركوا كل الكلام المعاد عن الديمقراطية والدستور وحماية الحقوق والحريات العامة والشخصية، وأن الكويت حالة استثنائية في محيطها الخليجي، فالمؤكد اليوم أنه لا صحة لكل ما سبق، وأن كل ما في الأمر أن لحظات "شبه الديمقراطية" مرت سريعاً في ستينيات القرن الماضي ولم تعد، والدولة تسير من سيئ إلى أسوأ بكل مجال دون استثناء، والمؤكد، أيضاً، أن من يدير هذا "الشو" السياسي هي أسرة الحكم منفردة بخلافاتها وتوافقاتها، (وماكو غيرها)، وهي المسؤولة بداية ونهاية عن كل ما يجري، وأي كلام عن مصادرة الجماعات المتزمتة والدينية وهيمنتها على مقاليد الإدارة، أو أن قوى مالية كبيرة متنفذة هي التي تدير الأمور في الدولة، هو كلام غير صحيح وينضح بالرياء السياسي، ولا يهدف لغير إصدار صكوك البراءة مقدماً للمسؤولين الحقيقيين عن التراجع والتردي في إدارة الدولة. ارحمونا، ولو لمرة واحدة، وأقروا بعجزكم، في تحمل مسؤولياتكم، ولا تبحثوا عن أكباش فداء، فعندكم "الخيط والمخيط"، ومع ذلك أنتم ضائعون وضيعتم مستقبل أجيالنا معكم.