وسط أجواء إعلامية مشحونة، وميراث من الشك، اتفق الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، مع رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، على استئناف المفاوضات الفنية لسد النهضة، على نحو أكثر انفتاحا وإيجابية، في لقاء كان محل رصد دولي عقد على هامش القمة الروسية الإفريقية في سوتشي أمس، بينما دخلت روسيا على الخط وعرضت نفسها وسيطا بين القاهرة وأديس أبابا، وهو عرض الوساطة الثاني بعد الولايات المتحدة.

وقال المتحدث باسم الرئاسة المصرية، بسام راضي، إن اللقاء ركز على ملف سد النهضة، وتم التوافق على الاستئناف الفوري لأعمال اللجنة البحثية الفنية المستقلة على نحو أكثر انفتاحا وإيجابية، بهدف الوصول إلى تصور نهائي بشأن قواعد ملء وتشغيل السد، وتجاوز أي تداعيات سلبية نتجت عن التناول الإعلامي للتصريحات التي نسبت مؤخرا إلى الجانب الإثيوبي.

Ad

القمة المصرية الإثيوبية عقدت في ظل أجواء مشحونة، بعد فشل المباحثات الثلاثية حول السد بين مصر والسودان وإثيوبيا في جولتها الأخيرة، التي استضافتها الخرطوم مطلع الشهر الجاري، واتهام القاهرة لأديس أبابا بالتعنت برفض مقترح ملء بحيرة السد على مدار 7 سنوات لتقليل الضرر على مصر، في حين تتمسك إثيوبيا بالملء خلال 3 سنوات، مما يعني خصم نحو 40 مليار متر مكعب من حصة مصر في مياه النيل، فضلا عن تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبية بالتلويح بخيار الحرب الثلاثاء الماضي.

تهدئة متبادلة

ورغم هذه الأجواء، بدا أن الرئيس السيسي يسعى إلى التهدئة، إذ قال، حسبما نقل المتحدث باسم الرئاسة المصرية، إن بلاده طالما أبدت انفتاحا وتفهما للمصالح التنموية للجانب الإثيوبي بإقامة السد، إلا أنها في نفس الوقت تتمسك بحقوقها التاريخية في مياه النيل (والمقدرة بنحو 55.5 مليار متر مكعب)، ومن ثم يتعين ألا تكون مساعي تحقيق التنمية في إثيوبيا على حساب هذه الحقوق، لذا فإن إقامة السد يجب أن تتم في إطار متوازن بين مصالح دول المنبع والمصب.

وتابع: «نهر النيل بامتداده من الهضبة الإثيوبية إلى مصر يعد بمنزلة شريان تعاون وإخاء وتنمية، ويجب ألا يكون مصدراً لأي مشاكل أو تناحر»، وبدا أن الرئيس السيسي يسعى للتهدئة وتلطيف الأجواء، إذ وجه التحية إلى آبي أحمد، خلال كلمته ضمن فعاليات الجلسة العامة الأولى للقمة الروسية الإفريقية، وأضاف: «أحب أن أتقدم بالتهنئة مجددا للسيد آبي، لحصوله على جائزة نوبل للسلام، فهو أثبت أنه رجل سلام حقيقي».

من جهته، ذكر آبي أحمد أن تصريحاته الأخيرة أمام البرلمان الإثيوبي، والخاصة باستعداده للحرب حال التعرض للسد، «تم اجتزاؤها خارج سياقها»، وأنه يكن كل تقدير واحترام لمصر قيادة وشعبا، مؤكدا أن تصريحاته تضمنت الإعراب عن التزام بلاده بإقامة السد دون إلحاق الضرر بدولتي المصب (مصر والسودان)، وأن الحكومة والشعب الإثيوبي ليس لديهم أي نية للإضرار بمصالح الشعب المصري، وشدد على التزامه بمسار المفاوضات وصولا إلى اتفاق نهائي.

ما ترشح عن القمة لم يتطرق من قريب أو بعيد لمصير الطلب المصري بإشراك طرف رابع في المفاوضات، ليلعب دور الحكم في ظل اختلاف وجهات النظر بين القاهرة وأديس أبابا حول سنوات ملء بحيرة السد، وهي النقطة التي أدت إلى فشل جولات التفاوض السابقة، كما لم يتم التصريح عن موقف الجانب الإثيوبي من دعوة الولايات المتحدة لاجتماع يشارك فيه وزراء خارجية مصر والسودان وإثيوبيا بواشنطن، حسبما أعلنت الخارجية المصرية، الثلاثاء الماضي، وسط رفض إثيوبي معلن لفكرة إشراك طرف دولي في المفاوضات.

إلى ذلك، ومع استمرار هطول الأمطار على أحياء متفرقة من القاهرة والمحافظات أمس، مع توقعات بوصول الظاهرة المناخية إلى ذروتها اليوم، والتي شهدت غرق شوارع القاهرة، الثلاثاء الماضي، بدا أن حكومة مصطفى مدبولي قررت ترك المواطن المصري ليواجه مصيره، إذ اعترف المتحدث باسم مجلس الوزراء نادر سعد بأن شوارع المدن المصرية، وفي مقدمتها القاهرة، غير مؤهلة لمواجهة تساقط الأمطار، لعدم وجود شبكات لتصريف المياه، لافتا إلى أن تكلفة الشبكة تصل إلى نحو 300 مليار جنيه في القاهرة وحدها.