الوطن الذي يحفظ تاريخه يحفظ ذاته، لذلك أجدني دوماً منجذبا وبالاهتمام المناسب لقراءة ما يكتب عن الكويت وتاريخها، خاصة إذا كان نتاج أقلام وعقول أبنائها المفكرين والمؤرخين بعيداً عن التبعية والتحيز، أقول ذلك بعد فراغي من مطالعة كتاب "الكويت في أربعمئة عام" لصاحبته الشيخة انتصار سالم العلي الصباح، فهذا الكتاب الذي جاء في 287 صفحة تقريبا، ومنذ أوراقه الأولى، نكتشف أنه حوى مشاهد توثيقية مصورة متأنية ورصينة، ومشاهد منتقاة تستحضر وتوثق بالصورة والكلمة العديد من النصوص والبرقيات والمكاتبات والمراسلات والوثائق التاريخية عن الكويت وماضيها. ولعل الشيخة انتصار الصباح، وهي تمضي قدماً في كتابة مؤلفها هذا كانت تضع نصب عينيها أننا في عصر تُهيمن فيه الصورة أو بمعنى أدق (مجتمع الصورة مقابل الكلمة)، وعليه كان الاختيار الموفق في إفرادها مساحة أوسع في عملية توثيق هذا الماضي للصورة باعتبارها الوسيط الإعلامي الحي والدليل المساند لعلم التاريخ المكتوب. وعليه فلا مبالغة في القول "إن الكويت في أربعمئة عام" إضاءة تاريخية تستحق الإشادة والنظر بعين الاعتبار بما حوى من صور ونصوص أتاحت العودة لمشاهد الماضي بعين الحاضر، والكشف عن كيف أن هؤلاء الرجال الذين أسسوا الكويت ومنذ أن نزلوها ليستقروا فيها كانوا حريصين على أن يبقى وطنهم الجديد بعيداً عن تبعية تقيد الحرية وترهن المقدرات على الرغم من بساطتها في هذا الوقت، ولعل الرحالة البريطاني باكنغهام الذي زار المنطقة "عام 1816م"، كتب يؤكد هذا المعنى حين أشار بالقول "الكويتيون معروفون بكونهم أكثر أهل الخليج حبا للحرية والإقدام".أخيراً الكتاب برأيي يوجه رسالة رقيقة "إن تاريخ الكويت ليس نقلاً أو سرداً كلامياً فحسب، بل هو ترجمة ثقافية وفنية وإنسانية مليئة بصور ومشاهد وماض مضيء يستحق الحفاظ عليه ورصده الرصد الصحيح".
مقالات - اضافات
إضاءة قلم الابنة المخلصة
25-10-2019