أقامت "منصة كلمات" محاضرة ثقافية بعنوان "النسوية بين العرب والغرب" للدكتور سعد البازعي، في مكتبة الكويت الوطنية، بحضور جمع كبير من المثقفين والمهتمين، وأدارها المحاضر محمد الفارس.

وقال البازعي إن مطالبة المرأة بحقوقها ليست حكراً على ثقافة أو مجتمع، وإنما هي ظاهرة عرفتها الثقافات والمجتمعات الأخرى، ومنها البلاد العربية، وطالبت المرأة العربية بحقوقها منذ أمد طويل، قبل أن تتعرف إلى مطالبات أخرى، ونحن نتحدث عن وضع إنساني تقتضيه الظروف ويصنعه التطور".

Ad

وأضاف: "مجيء المفهوم الغربي إلى الثقافة العربية أوجد حالة جديدة تجاوزت المطالبة الأساسية للحقوق لتؤثر في كيفية النظر إلى المرأة، إلى هويتها بوصفها أنثى في مقابل الرجل، أو ما يعرف اليوم بهويتها الجندرية، فتشابه الأوضاع خلق الحاجة إلى دراسات تسلّط الضوء على تلك الأوضاع، لكنّ الدراسات حملت اختلافا فكريا ومنهجيا غيّر النظر إلى تلك الأوضاع، وهنا نضع أيدينا على الأبعاد الفلسفية التي حملتها الدراسات النسوية الغربية التي أدت إلى طرح أسئلة جديدة حول طبيعة الأنوثة في مقابل الذكورة، ودفعت باحثين وباحثات إلى قراءة الواقع الاجتماعي والثقافي والسياسي العربي من زوايا جديدة، بل وقراءة التاريخ العربي الإسلامي من تلك الزوايا أيضا".

مفهوم الأبوية

وقدّم البازعي أمثلة لبعض المفاهيم التي استجدت مع تطور الدراسات النسوية وانتشار أسسها النظرية مفهوم الأبوية أو البطركية (أو البطريركية)، وأيضاً المفهوم الشائع الآن، أي "الجندر"، مؤكدا أن النسوية اليوم حركة اجتماعية وتيار فكري وثقافي متعددة الوجوه. ومن ثم كشف البازعي للحضور عن نماذج مضيئة لكفاح المرأة، ومنه نموذج موضي البسام من عنيزة في منطقة القصيم بنجد، تلك المرأة التي كانت أنموذجاً للشجاعة والكرم، تفوقت فيه على كثير من الرجال في مشوارها.

وعلى هامش الندوة، التقت "الجريدة" د. البازعي، وسألته عن الفرق بين الأدب الأنثوي والذكوري، فأجاب: أعتقد أن هناك أدبا تكتبه المرأة، وآخر يكتبه الرجل، والتمييز بينهما هو عندما تعبّر المرأة عن إشكالاتها الخاصة، فالاختلاف يكون في القضايا المطروحة، وتلك القضايا أحيانا تؤثر على اللغة الموظفة، وهذا لا يعنى أن هناك تمايزا بين الرجل والمرأة، بقدر ما أن هناك اختلافا أحيانا، فأنا أستطيع تمييز رواية كتبتها امرأة، لأن البطلة في الغالب امرأة في الروايات النسائية مثلا، وهذا لا يحدث كثيرا في الروايات التي يكتبها الرجل، وهذا طبيعي، فهو انتصار لوضع المرأة عندما تكتب، لذلك عندما أقول نعم أدب نسائي، فمن هذا المنطلق، لكنّ هناك أدبا تنتجه المرأة ليس بالضرورة يتحدث عن مشكلاتها، وأنا أعتقد أن ما تنتجه المرأة شعرا ونثرا، هو في الغالب يتحدث عن إشكاليات الوضع النسوي أو الأنثوي في المجتمعات العربية، هذه قضية مركزية، ومن الطبيعي أن تكون، لكن لا نجدها قضية مركزية عند الرجل، فهي قضية موجودة ومطروحة، وإذا هناك تفريق فهو هنا، ولذلك أرى أن التفريق موجود".

حرية المرأة

أما عند سؤاله: هل زادت حرية المرأة في ظل العصر التكنولوجي وشبكات التواصل الاجتماعي ليجيب "بالتأكيد، فشبكات التواصل أنصفت المهمشين، والمرأة مهمشة إلى حد بعيد في مجتمعاتنا التقليدية، فنالت مساحة أكبر، وأعتقد أنهن الآن أكثر حضورا من ذي قبل، كما أن للمرأة بالذات تأثيرا واسعا في شبكات التواصل، لكن هذا لا يعني الحرية التامة، لأنه حتى في شبكات التواصل هناك مخاوف، وأسماء مستعارة، وأقنعة، وقيود وحدود، ولا يوجد شيء اسمه أن تقول كل ما تريد، فلذلك الشبكات أعطت حريات أكبر لفئات كثيرة من الناس، ومنهم النساء، وهذا يحسب لها".

النساء المثقفات

وعن رأيه في النساء المثقفات بالكويت، يقول د. البازعي: "حقيقة أنا فخور بهن، وأنا أعرف الكثير من النساء المثقفات في الكويت، سواء كنّ كاتبات، وأكاديميات، أو ناشطات مجتمع أو غير ذلك، فالكويت رائدة على المستوى الخليجي في هذا المجال، ولا شك في هذا، والتعليم أثمر كثيرا في الكويت، وهذا كله أدى إلى نشوء حركات إصلاحية وتطور مبكر في الحياة الاجتماعية والثقافية بالكويت، فلذلك تسهم المرأة بدور كبير في كل المجالات التي أعرف، سواء العلمية أو الأدبية أو الاجتماعية أو السياسية".

الصوت النقدي

قال رئيس "منصة كلمات" أحمد الزمام: "سعدنا باستضافة د. البازعي في "منصة كلمات" للثقافة والإبداع ضمن برنامجنا الثقافي لأكتوبر من هذا الموسم، وما يهمنا حقاً هو الحفاظ على استمرار الصوت النقدي وتجديده أيضاً مع الأجيال السابقة من أكاديميين ومختصين في الأدب والنقد والفكر، ومن جميع الدول العربية والخليجية، ويبقى الاهتمام في نشر مثل هذا الطرح الذي يخاطب واقع مجتمعاتنا ومحاولة مناقشتها بتنوع الأفكار والتوجهات أحد أهداف المنصة، كما هو مدروس في الخطة التي تسير عليها".