لا تزال فوضى التشريعات الشعبوية، التي أقرها مجلس أمة 2013، على حساب المصلحة العامة، مستمرة، فقانون 30 لسنة 2016 بشأن تعديل قانون تنظيم مهنة الصيدلة وتداول الأدوية دليل قاطع على ذلك، إذ أحدث ربكة كبيرة في قطاع الادوية بشكل عام، وفي الجمعيات التعاونية بشكل خاص.

وخلق هذا التشريع جدلا قانونياً من شأنه أن يرهق أصحاب الشأن، لما تضمنه من عوار ومثالب عدم مشروعية ودستورية بانتزاع حق الجمعيات التعاونية في فتح وإدارة الصيدلية بشكل مباشر أو من خلال تضمينها للغير، ومنح ذلك الحق لصيدلي كويتي فقط، وسط مطالبة من أهل الاختصاص وأصحاب الشأن بإعادة النظر في هذا القانون على وجه السرعة.

Ad

ولم ينظر المجلس آنذاك إلى الأضرار، التي يمكن أن تعود على المواطنين المساهمين الكويتيين في المناطق السكنية المختلفة، ولا إلى الاشكاليات التي ستنجم نتيجة هذا القانون، الذي بدأت وزارة الصحة أخيراً بمحاولة تطبيقه، في غياب آلية واضحة لإمكانية ذلك ودون تنسيق مع الجهات المعنية، كل ذلك رغم مطالبة "وزارة الشؤون" بالتريث لحين البت في الاقتراحات بقوانين المقدمة في مجلس الأمة من قبل بعض النواب، والتي تهدف إلى عودة الوضع كما كان عليه، مع إلزام صيدليات الجمعيات التعاونية بتشغيل صيادلة كويتيين فيها.

وقالت مصادر ذات صلة، لـ"الجريدة"، إن اجتماعين عقدا مؤخراً آخرهما في 6 أكتوبر الماضي بمكتب وكيل وزارة الشؤون، بحضور وكيل وزارة الصحة المساعد، وممثلي اتحاد الجمعيات التعاونية والشركات المستثمرة للصيدليات والصيادلة، وتم الاتفاق، في ختامه، باقتراح من وكيل "الشؤون"، على أن "يبقى الوضع على ما هو عليه، حتى يتم الانتهاء من البت في الاقتراحات المقدمة او التي ستقدم" لتعديل القانون المنظور بمجلس الأمة.

وأضافت المصادر أن الجمعيات التعاونية فوجئت بوصول كتب رسمية من مدير إدارة تفتيش الأدوية بوزارة الصحة، يخطرها بإغلاق الصيدلية، نظراً لعدم وجود ترخيص باسم صيدلي كويتي، وأنه في حال عدم توفيق أوضاع الصيدلية فسيتم تحويلها والعاملين فيها إلى النيابة العامة بعد 15 نوفمبر المقبل، وهو الأمر الذي أثار استغراب الجمعيات التعاونية والمستثمرين على حد سواء.

وتابعت: سيتضرر من القانون اذا تم تطبيقه، حسبما أفادت المصادر المطلعة، نحو مليون مواطن، عبر حرمان المساهمين في الجمعيات التعاونية من مكاسب محققة سنوياً، لتنفيع نحو 70 صيدلياً كويتياً، إن وجدوا، فضلا عن خسارة الجمعيات لأصولها وأيضا حتمية الرجوع عليها بدعاوى تعويض كبيرة القيمة من قبل مستثمري الصيدليات التي تربطها بهم عقود استثمار ملزمة لا يمكن فسخها، وتوقف الخدمات التي كانت تقدمها الصيدليات لحين ايجاد الحل القانوني.

وبينت أن الجمعيات التعاونية التي تدير الصيدليات مباشرة ترحب بتشغيل صيادلة كويتيين والاستفادة من المشروع، بل وتدعم ذلك، لكن ليس على حساب المساهمين، وحقها الأصيل في تشغيل صيدلية، أو عن طريق الشركات المتخصصة، وإن كان القانون لم يلزمها بتشغيل الصيدلي بل حصر ذلك بصيدليات الشركات والاشخاص المرخصة، قبل صدور قانون رقم ٢٨ لسنة ١٩٩٦.

وأشارت إلى أن هذا القانون سيدفع الصيدلي الكويتي الى تأجير رخصة الصيدلية الصادرة باسمه للغير، نتيجة لتوفيق الأوضاع طبق أحكام القانون الجديد، وحصول الصيدلاني، نظير ذلك، على مبلغ استثمار شهري دون ممارسته أي عمل، وايضا حصوله على دعم مالي يفوق مقابل ما سدده عند طرح فرع الصيدلية، ويكون هو المالك لصيدلية الجمعية وليس مجلس ادارتها المنتخب من أهل المنطقة، فقط لأن الرخصة تصدر باسمه!

وذكرت أن اتحاد الجمعيات التعاونية دعا الجمعيات إلى حضور اجتماع مفصلي غداً للوقوف أمام قانون 30 لسنة 2016 ولائحته التنفيذية، لأنه سيكون سبباً في خسارة الجمعيات التعاونية عوائد كبيرة، فضلاً عن أنه انتزع منها حقاً أصيلاً في حق الحصول على تراخيص فتح صيدليات باسمها، كما كان في السابق.

وأوضحت المصادر أن بعض الجمعيات، التي تدار صيدلياتها عن طريق مستثمرين، تقدمت بطعن على القانون ولائحته التنفيذية لدى المحكمة الدستورية، لما شابه من مثالب وعوار دستوري، وكذلك هناك طعن آخر سيقدم من الجمعيات السبع التي تدير صيدلياتها بمعرفتها.

المستغرب أن النواب عبدالوهاب البابطين والحميدي السبيعي وعمر الطبطبائي وثامر السويط وماجد المطيري تقدموا باقتراح بقانون بصفة الاستعجال منذ 21 ديسمبر 2017 بتعديل المادة رقم (2) من القانون 30 لسنة 2016 بشأن تنظيم مهنة الصيدلة وتداول الأدوية.

وينص الاقتراح على العودة إلى القانون القديم، أي منح الجمعيات التعاونية حق الحصول على ترخيص فتح صيدلية، مع إلزامها بتعيين صيدلي كويتي على الأقل بها، لكن الاقتراح لا يزال في أدراج اللجنة التشريعية، ولم يُحلْ الى اللجنة الصحية حتى تاريخه! كما تقدم النائب عبدالله الكندري باقتراح مشابه في 15 الجاري.

وطالبت المصادر مجلس الأمة باستعجال اللجنتين التشريعية والصحية في إنجاز القانون، وسرعة البت فيه من المجلس بداية دور الانعقاد المقبل، حتى تتم معالجة الخلل الذي أحدثه قانون 30 لسنة 2016 قبل موعد اغلاق الصيدليات الذي حددته وزارة الصحة.