أفاد تقرير الشال بأن معظم دول الشرق الأوسط تعاني احتمالات فشلها اقتصادياً، وتتفاوت حظوظ تلك الاحتمالات في التحقق بين بلد وآخر، ومعظم مبررات ذلك التفاوت يعود إلى أمانة وقدرات الإدارات العامة لتلك الدول، والعراق حالة واضحة للوفرة النسبية في الموارد، والعجز الكبير في تخصيصها باتجاه الاحتياجات الحقيقية للاقتصاد وللمواطن، إلى جانب الهدر الكبير فيها بسبب فساد الإدارة.

ففي السنوات الخمس الأخيرة، حقق العراق إيرادات نفطية فقط، بحدود 370 مليار دولار، وتصل إلى أكثر من 400 مليار دولار لمجمل الإيرادات، والسنوات الخمس الأخيرة هي سنوات شحة في إيرادات النفط، وتقدر وحدة المعلومات في مجلة "الإيكونومست" أن تصل إيراداته النفطية في عامي 2019 و2020 إلى نحو 185 مليار دولار أمريكي، أو أكثر من 200 مليار لمجملها، وفي سنتين.

Ad

ورغم ذلك، فشلت إدارته في ملاقاة الضرورات الأساسية جداً للناس، مثل الغذاء والماء والكهرباء والسكن والبنى التحتية والنظافة، والوظيفة، مصدر الحصول على كل ما تقدم.

وفي آخر تقرير لوحدة المعلومات لمجلة "الإيكونومست" - Country Report- في 7 أكتوبر الجاري، تقدر الوحدة مؤشرات مستقرة لأداء الاقتصاد الكلي العراقي، فالنمو الحقيقي المتوقع في عام 2019 بحدود 3.5 في المئة و2.8 في المئة في عام 2020 وإن تحقق معظمه للارتفاع في الطاقة الإنتاجية للنفط، ومعدلات التضخم 1.1 في المئة و1.5 في المئة للعاميـن، وعجـز الموازنـة العامـة -1.3 في المئة و-3 في المئة من حجم الناتج المحلي الإجمالي للعامين، والحساب الجاري يحقق فائض 9.1 في المئة و6.6 في المئة من حجم الناتج المحلي الإجمالي للعامين، وسعر صرف الدينار العراقي ثابت.

وحتى حجم الدين الخارجي العام المقدر بنحو 78.3 مليار دولار لا يتعدى نحو 34 في المئة من الحجم الإسمي للناتج المحلي الإجمالي لعام 2019. ورغم ذلك، مر العراق بأحداث عنف مؤسفة سقط خلالها ضحايا بشرية، وهو ثمن غير مستحق، وسبب العنف ببساطة، هو أن المستفيد من تلك المؤشرات الكلية ليس عامة الشعب.

وتتأرجح أوضاع معظم الدول النفطية بين النموذجين النرويجي والفنزويلي، والنرويج واحدة من أفضل النماذج في العالم، بينما فنزويلا، صاحبة أكبر احتياطي نفطي في العالم، على حافة التحول إلى دولة فاشلة، وما صنع الفارق بين البلدين، ليس الموارد، بل قدرة وأمانة الإدارة. وليس من مصلحة أي من دول الجوار حدوث حالة من عدم الاستقرار لدى جيرانه، لسبب أخلاقي إنساني أولاً، ولأن هناك دائماً احتمال عبورها للحدود، والاستقرار والنجاح لدولة في الجوار أيضاً عابر إيجابي للحدود، والأمل هو أن يستقر ويزدهر العراق.