ترامب يعلن نهاية البغدادي: فجّر نفسه وهو يبكي

• هجوم لـ «دلتا فورس» بتنسيق إقليمي يستهدف زعيم «داعش» بعد 48 ساعة من وصوله إلى إدلب
• استخبارات العراق عرفت مخبأه السري من عديله ساجت ومقتل زوجتيه ومضيفه القيادي بـ «حراس الدين»

نشر في 28-10-2019
آخر تحديث 28-10-2019 | 00:05
في أهم عملية عسكرية منذ تصفية زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في باكستان، قبل أكثر من 8 سنوات، تمكنت فرقة العمليات الأولى بالجيش الأميركي «دلتا فورس» من القضاء على زعيم تنظيم «داعش» أبوبكر البغدادي في إدلب، بعد مطاردة دامت أعواماً.
بعد أيام من تصديقه على هجوم سري جداً لتصفيته، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أمس، مقتل زعيم تنظيم «داعش» أبوبكر البغدادي في عملية عسكرية جريئة وخطيرة نفذتها وحدات المهمات الخاصة في محافظة إدلب بسورية، التي تسيطر عليها جبهة النصرة سابقاً، ويخضع مجالها الجوي للقوات الروسية.

وفي سيناريو أعاد إلى الأذهان حادثة مقتل زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن في مايو 2011 في أبوت آباد بباكستان لجهة التوقيت وشكل التنفيذ، قال ترامب، في مؤتمر صحافي بالبيت الأبيض، «الليلة الماضية قدمت الولايات المتحدة الإرهابي الأول في العالم إلى العدالة. أبوبكر البغدادي قتل»، مبيناً أنه «عندما تم الإمساك به في نهاية نفق وهو ينتحب ويبكي ويصرخ كالكلب فجّر نفسه بسترة ملغومة ليقتل هو وأطفاله الثلاثة وتشوه جثته من الانفجار، وكذلك فعلت زوجتاه».

وأضاف ترامب: «البغدادي كان الأولوية الأمنية بالنسبة لإدارتي، والقوات الخاصة نفذت العملية وأنجزت عملها بكثير من البراعة، وقتلته مع عدد من مرافقيه، ونتائج الحمض النووي أثبتت هويته بعد 15 دقيقة»، مشيراً إلى أن «القوات الخاصة حصلت على معلومات مهمة عن موقعه، وسلمت 11 طفلاً كانوا معه إلى طرف ثالث لرعايتهم، وأن العملية لم تكن لتتم من دون مساعدة دولية. أشكر العراق وسورية وتركيا وروسيا والأكراد عليها».

وأشار ترامب إلى أن «مقتل البغدادي وقبله حمزة بن لادن يثبت عزم الولايات المتحدة على ملاحقة الإرهابيين، وأن ذراعها طويلة»، مؤكداً «اننا سنواصل تعقب من تبقى من داعش في المنطقة».

«دلتا فورس»

وأجرت فرقة العمليات الأولى «دلتا فورس» إنزالاً مروحياً في ساعة متأخرة من ليل السبت- الأحد شمالي إدلب، واشتبك جنودها مع تنظيمي «داعش» و«حراس الدين» بإدلب أكثر من ساعتين.

وأفاد المرصد السوري بأن سرباً من ثماني مروحيات أميركية، فضلا عن طائرات استطلاع استهدفت بعد منتصف ليل السبت- الأحد منزلاً وسيارة بمعقل تنظيم «حراس الدين» في قرية باريشا الحدودية مع تركيا، وأنزلت مقاتلين على الأرض اشتبكوا مع جهاديين، ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص على الأقل بينهم امرأتان وطفل.

وأكد مسؤول رفيع في «البنتاغون» لمجلة «نيوزويك»، وقوع تبادل قصير لإطلاق النار قبل أن يقوم البغدادي واثنتان من زوجاته بتفجير أنفسهم بأحزمة ناسفة في المكان، مشدداً على أن ترامب صادق على هذه العملية السرية الأسبوع الماضي.

وكشف قيادي بجماعة متشددة في إدلب أن القوات الأميركية انتشلت جثة البغدادي من موقع الهجوم مع أخرى لنائبه، مشيراً إلى أنه تم العثور على جثث 3 رجال و3 نساء في الموقع، الذي طوقته «النصرة» لاحقاً، ومنعت الصحافيين من الاقتراب منه أو الدخول إلى قرية باريشا القريبة من الحدود التركية والخاضعة بمعظمها لإدارتها.

تنسيق ثلاثي

وأعلنت وزارة الدفاع التركية أنه «قبيل العملية الأميركية في محافظة إدلب الليلة الماضية، حصل تبادل للمعلومات وتنسيق بين السلطات العسكرية للبلدين».

وفيما ذكر مسؤول تركي رفيع أن البغدادي وصل إلى قرية باريشا قبل 48 ساعة من الهجوم، أكدت مصادر طبية عثورها على 7 جثث بينها طفل و3 نساء في منزل مدمر بالكامل يبعد بضعة كيلومترات عن مخيم طورلاها للنازحين.

وكتبت وكالة «الأناضول» أنه «نحو الساعة الثانية عشرة منتصف الليل، استهدفت 8 مروحيات أميركية وطائرتان مسيرتان نقطة قريبة من قرية باريشا على مدى 90 دقيقة، وقوبلت المروحيات بمقاومة من الأرض عبر أسلحة ثقيلة»، مضيفة: «عقب القصف الجوي، غادرت المروحيات المنطقة، وبعد نصف ساعة عادت وبدأت بالقصف مجددا، وفي هذه الأثناء، أجرت المروحيات إنزالاً للقوات الخاصة».

وأوضحت أن الجولة الثانية من الاشتباكات دامت ساعتين ونصف الساعة، بعدها غادرت المروحيات المنطقة تماماً بعد إتمام العملية في 4 ساعات على مرحلتين.

وأشار قائد قوات سورية الديمقراطية (قسد) مظلوم عبدي، في تغريدة إلى «عملية تاريخية ناجحة نتيجة عمل استخباراتي مشترك مع الولايات المتحدة»، مشيراً إلى «العمل منذ 5 أشهر على عملية مشتركة للقضاء على البغدادي».

وتوقع عبدي أن «يثأر» التنظيم لزعيمه، قائلاً: «الخلايا النائمة ستثأر للبغدادي، لذا كل شيء متوقع. بما فيها مهاجمة السجون» الواقعة تحت سيطرة قواته ويقبع فيها الآلاف من عناصره المتطرفين.

عديل البغدادي

وفي بغداد، أعلنت مديرية الاستخبارات العسكرية أنها قدمت «معلومات دقيقة إلى قوات التحالف ساهمت بشكل كبير في الوصول إلى البغدادي وقتله وحارسه الخاص غزوان الراوي».

وذكر مسؤول أن جهاز الاستخبارات العراقية زود التحالف بالإحداثيات الدقيقة لموقع البغدادي، بعد أن عرف مكانه بعد القبض على عراقي وعراقية من «الدائرة المقربة» منه، وتقديمهما معلومات أدت إلى معرفة موقع سري بصحراء غرب العراق يضم وثائق تحتوي على المعلومات عن مكان البغدادي وتحركاته.

وأفاد موقع «العربية» بأن المعتقل لدى الاستخبارات العراقية منذ شهرين محمد علي ساجت كشف مخبأ عديله البغدادي أثناء التحقيق معه. كما كشف عن مكان التصوير الأخير، الذي ظهر فيه البغدادي في كلمة له. بعد ذلك، زودت الجانب الأميركي بالمعلومات.

وفضلاً عن الجهة المنفذة، تتشابه إلى حد كبير مجريات عمليتي اغتيال بن لادن والبغدادي، لجهة التوقيت وشكل التنفيذ، فالأول قُتل أثناء استعداد الرئيس السابق باراك أوباما لخوض الانتخابات لولاية جديدة، وكذلك الرئيس الحالي يستعد لخوض نفس السباق.

عواد البدري

والبغدادي واسمه الأصلي عواد البدري مولود في 1971 لأسرة فقيرة في مدينة سامراء شمال بغداد. كان مولعاً بكرة القدم، ويحلم بأن يصبح محامياً، لكن نتائجه الدراسية لم تسمح له بدخول كلية الحقوق.

وتلقى دراسات دينية في بغداد قبل أن يصبح إماماً فيها في عهد صدام حسين. وخلال الغزو الأميركي في 2003، شكل البغدادي مجموعة صغيرة من الجهاديين قبل أن يتم توقيفه واعتقاله في سجن بوكا.

وفي غياب أدلة تدينه، أفرج عنه والتحق بمجموعة من المقاتلين السّنة تحت راية تنظيم القاعدة، وتولى قيادتها عدة سنوات. واستفاد من الفوضى بسبب النزاع في سورية، وتمركز مع مقاتليه فيها في 2013 قبل هجوم كاسح اجتاح خلاله التنظيم مساحات واسعة من سورية والعراق في 2014.

القوات الأميركية انتشلت جثة البغدادي من موقع الهجوم مع أخرى لنائبه
back to top