العراق: احتجاجات طلابية... وتعزيز القبضة الأمنية

• تراجع العنف غداة «مجزرة بابل»
• عبدالمهدي لن يستقيل والصدر بالكامل إلى المعارضة

نشر في 28-10-2019
آخر تحديث 28-10-2019 | 00:03
طلاب يتظاهرون ضد الحكومة في ساحة النسور ببغداد أمس  (أ ف ب)
طلاب يتظاهرون ضد الحكومة في ساحة النسور ببغداد أمس (أ ف ب)
شارك الطلاب بكثافة في الاحتجاجات الدامية التي تشهدها عدة محافظات عراقية ضد الحكومة والطبقة السياسية، في حين شددت السلطات قبضتها الأمنية وانتشرت قوات مكافحة الإرهاب في العاصمة فيما تعهدت مجالس المحافظات بتطبيق حظر التجوال بحزم.
شهد اليوم الثالث بالموجة الثانية من الاحتجاجات الدامية التي اندلعت في العراق مطلع أكتوبر الجاري التحاق طلاب بركب التظاهرات المناهضة للحكومة وللتنظيمات المسلحة الموالية لإيران في وسط بغداد، في إحكام للحصار على رئيس الحكومة عادل عبدالمهدي الذي يواجه الشارع من جهة، واعتصاماً سياسياً لأكبر كتلة برلمانية من جهة أخرى.

وبدأ طلاب الانضمام بكثافة إلى التظاهرات في بغداد وعدة محافظات بجنوب ووسط البلاد وأشار ناشطون إلى أن مدارس قررت إغلاق أبوابها والمشاركة في الاحتجاجات بشكل جماعي.

وفي ساحة التحرير، التي تعتبر رمزية ومركزاً أساسياً لانطلاق التظاهرات في العاصمة، شوهدت فتيات صغيرات يرتدين الزي المدرسي ويحملن حقائب الظهر يتجولن في الشوارع التي تطلق فيها عبوات الغاز المسيل للدموع من قوات مكافحة الشغب.

وفي حين نظم طلبة بالجامعات الحكومية والأهلية مسيرات بعدة مناطق لتأييد مطالب المتظاهرين، واصل المئات من المتظاهرين الاعتصام في سرادق تحت نصب الحرية بوسط التحرير في ظل إجراءات أمنية مشددة.

واعتبر القيادي الشيوعي جاسم الحلفي أن "الغضب الشعبي يأخذ منحى آخر جديد، بدخول اعتصامات طلابية بجامعة بغداد والجامعة المستنصرية على خط التصعيد ضد الحكومة".

فوضى وقتلى

وتجمع مئات المحتجين في ساحة التحرير أمس، في تحدّ جديد بعد ليلة طويلة من التظاهرات التي يقوم بها مطالبون بـ "إسقاط النظام"، استخدمت القوات الأمنية لتفريقها الغاز المسيل للدموع.

وكان المشهد في التحرير فوضوياً ونصب البعض خياماً بوسط الساحة، في وقت بدأ متطوعون بتوزيع الطعام والماء على المتظاهرين.

ولوحظ نزول أعداد كبيرة من النساء إلى الساحات القريبة، وأدت عملية إغلاق جسر الجمهورية المؤدي إلى المنطقة الخضراء شديدة التحصين وسط بغداد إلى حصول حالات زحام شديد للسيارات عند الساعات الأولى لبدء الدوام الرسمي أمس.

وأفاد شهود عيان بمقتل 6 متظاهرين وإصابة العشرات بعد أن فتح عناصر بـ "منظمة بدر"، التي يتزعمها هادي العامري، الرصاص على المتظاهرين الذين حاولوا اقتحام المقر الليلة الماضية في محافظة بابل.

انتشار أمني

في المقابل، شددت السلطات العراقية قبضتها الأمنية بمواجهة الاحتجاجات بأمر من رئيس مجلس الوزراء، وأعلن جهاز "مكافحة الإرهاب" نشر قوات في بعض مناطق بغداد لحماية المنشآت السيادية والحيوية.

وذكر الجهاز، في بيان، أن نشر قواته جاء لـ"حماية المنشآت السيادية والحيوية من أن تعبث بها عناصر غير منضبطة مستغلة انشغال القوات الأمنية في حماية التظاهرات والمتظاهرين".

وكان عبدالمهدي ترأس اجتماعاً للقادة الأمنيين في مقر قيادة الشرطة الاتحادية لـ"متابعة الأوضاع في بغداد والمحافظات وسبل تعزيز الأمن والاستقرار بالتعاون مع المواطنين".

وأفادت مصادر مطلعة بأن رئيس الوزراء أمر قائد جهاز مكافحة الإرهاب في وقت سابق باستخدام "كل الإجراءات الضرورية لإنهاء الاحتجاجات". وفي السياق أعلنت السلطات المحلية في أكثر من محافظة نيتها تطبيق حظر التجوال بحزم.

وشهدت التظاهرات المطلبية سابقة في العنف بالتعاطي معها، إذ سقط 157 قتيلاً في الموجة الأولى منها بين الأول والسادس من الشهر الجاري، و63 قتيلاً حتى الآن في الجولة الثانية التي بدأت ليل الخميس ـ الجمعة.

في هذه الأثناء، عرضت قيادة شرطة البصرة، مجموعة لمتهمين حاولوا حرق مبانٍ حكومية خلال التظاهرات التي شهدتها المحافظة وقالت إنهم تسببوا بمقتل اثنين من منتسبيها وإصابة 18.

لا استقالة واعتصام

في السياق، نفى مصدر مقرب من عبدالمهدي، أمس، نية الأخير تقديم استقالته على خلفية الأحداث الجارية في البلاد لأن "الخطوة من الممكن أن تأتي بنتائج عكسية".

وجاء النفي وفي وقت ضيق رجل زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الخناق على رئيس الوزراء، بعدما بدأ نوابه الذين يشكلون كتلة "سائرون" الأكبر في مجلس النواب، اعتصاماً مفتوحاً داخل البرلمان "إلى حين إقرار جميع الإصلاحات التي يُطالب بها الشعب". وأعلنت "سائرون" انضمامها إلى المعارضة ودعت الكتل السياسية أن تحذو حذوها وأن "يكونوا على مستوى الحدث".

في السياق، استنكر رئيس "المنبر العراقي" اياد علاوي، الاعتداءات التي أصابت المتظاهرين السلميين وخلّفت المئات من الشهداء وآلاف من الجرحى، مؤكداً أن السكوت لم يعد مسموحاً به.

وقال علاوي، إن العملية السياسية خرجت عن جادة الصواب وتحقيق مصالح الشعب، وغدت "أضحوكة كبرى وعبئاً ثقيلاً على الشعب، وأسيرة للمحاصصة الطائفية والفساد وعرضة للانتهاكات والاستباحة من قبل دول خارجية، وضحية لدستور مكبل، مما يستوجب إعادتها للمسار الصحيح، بطرق سلمية، وانتخابات نزيهة وبقانون جديد ومفوضية قادرة جديدة وبدستور يأخذ بعين الاعتبار دور الشباب والنساء، بناة الوطن وقادة المستقبل".

متابعة إيرانية

إلى ذلك، أعرب المتحدث باسم الخارجية الإيرانية عباس موسوي، عن الأسف العميق للأـحداث الأخيرة في العراق والتي أدت إلى مصرع وإصابة العشرات وتخريب الممتلكات العامة، مؤكداً أن طهران تتابع التطورات بدقة وحساسية.

وذكر أن "الجمهورية الإسلامية الإيرانية تدعم مطالب ورغبات الشعب العراقي المؤكد عليها بوضوح في بيانات وتصريحات المرجعية الدينية وكذلك رئيس الوزراء".

العملية السياسية غدت أضحوكة كبرى علاوي
back to top