موسم الانتخابات المضروب
تبدأ غداً مراسم الانعقاد العادي لمجلس الأمة، وهو آخر انعقاد للمجلس قبل الانتخابات النيابية، ومن المتوقع أن يكون موسم السنة السابقة على الانتخابات موسماً مضروباً في الكثير من التفاصيل. فالنواب والحكومة، والطامحون للترشيح، والعديد من الناخبين، ومنظمو الفرعيات التي صارت تشاوريات، إضافة إلى شركات الإعلانات وأشباهها، والجهات الخارجية الداعمة لمرشح هنا أو نائب هناك، ووسائل الإعلام بكل أشكالها، ووسائل التناحر الاجتماعي المسماة بالتواصل، وغير ذلك من الفعاليات، والجهات والأشخاص. سيعيش أغلب من سبق ذكرهم، وإن بدرجات مختلفة، حالة من التوتر النفسي والقلق ترقباً لنتائج الانتخابات. ستمتلئ البلاد حتى رأسها بالشائعات، وخطاب الكراهية، الطائفي، المذهبي، والشخصاني، والعائلي، وغيرها. ستنتشر وتنشأ مواقع جديدة، وحسابات كاذبة، وأخبار مختلقة، يستهدف فيها هذا المرشح أو ذاك، وستتحول البلاد إلى مجتمع يدافع شكلاً عن الفضيلة والقيم الحميدة، والتي من خلالها يتم ضرب الخصوم، كما سترتفع مقاييس الوطنية ادعاءً لتشويه سمعة مرشحين خصوم، وهكذا.وستشهد السنة الانتخابية القادمة حفلة زار من نوع خاص، فهي من السنوات القليلة في السياق السياسي، فالأغلبية الساحقة من المجالس تم إزهاق روحها قبل استكمال مدتها لأسباب مختلفة.
أما على مستوى البرلمان وغالبية النواب الذين يرغبون في العودة فسيتحولون إلى حالة خاصة، وسيرتفع صوتهم، ومن كان غير ظاهر في الثلاث سنوات الماضية سيحرص على الظهور، والحديث ومحاولة تبيان الصلاحية. ستكثر الاستجوابات، وستكثر الأسئلة، وستكثر التصريحات والمؤتمرات الصحافية والندوات، وسيصبح الجميع حاداً في طرحه، فنظام الصوت الواحد، وسياسة العمل الفردي جعلت مسألة التحالفات صعبة، وبالتالي الخصومة لا حدود لها بين المرشحين.أما الحكومة فستبذل قصارى جهدها في استخدام ذات الوسائل القديمة، فتحرص على وصول مرشحيها بالإغداق عليهم في تمرير المعاملات، وفتح صندوق الانتخابات المفترض على أقصاه، أملاً في تشكيل مجلس مطواع، يضاف إلى ذلك تبني أصحاب المصالح والنفوذ بعض المرشحين، وسيكون أخطر من ذلك تبني جهات خارجية بعض المرشحين، كما سيتم ضخ أموال كثيرة أغلبها أموال غير نظيفة لإنجاح مرشح هنا أو هناك.تلك هي الصورة والمشهد الذي سيسود السنة السابقة على الانتخابات، ومنها دور الانعقاد الأخير المضروب، والله المستعان.