في هذا المقال لن أتطرق إلى أداء دولة الكويت على مؤشر الأداء البيئي لشبكة معلومات علوم الأرض الصادر عن جامعة كولومبيا بالتعاون مع المنتدى الاقتصادي العالمي لقياس مستويات الصحة البيئية وحيوية النظام البيئي، بل إلى الآليات التي من شأنها تحسين الوضع البيئي وسبل التعاون بين مؤسسات الدولة. بالرغم من صدور قانون البيئة وتطبيقه على مدى السنوات الأربع الماضية، فإن هناك الكثير من العمل مازال أمام البيئة الكويتية لاستعادة عافيتها بسبب استمرار التعديات، علماً أن هذا الموضوع لن يتحقق في القريب العاجل ما لم يكن هناك تعاون من الجهات الحكومية ومؤسسات القطاع الأهلي وهيئة البيئة، من خلال الالتزام وتحمل المسؤولية نحو تنفيذ المعايير والاشتراطات البيئية التي نص عليها القانون.
هناك جهود كثيرة تبذل سواء من الهيئة العامة للبيئة بتطبيقها للأعمال الرقابية التي جاء عليها القانون أو من خلال الأعمال التطوعية والرصدية التي يقوم بها الناشطون والمهتمون في الشأن البيئي للحد من الممارسات والتعديات التي تتعرض لها مكونات البيئة، وما يصحبها من تلوث ليس بالإمكان التعافي منه على المدى القريب. التحديات الرئيسة للبيئة الكويتية يمكن تلخيصها على النحو التالي:أولاً، زيادة نسب انبعاث غازات أكاسيد الكربون في الهواء، لارتباطه بارتفاع كمية احتراق الوقود الناتج عن مصافي النفط ومحطات توليد الطاقة الكهربائية وتحلية المياه ووسائل النقل العام. حيث يتطلب هذا المحور الكثير من العمل الجاد من قبل وزارة الكهرباء والماء ووزارة النفط والشركات التابعة لها من خلال الإسراع في استخدام التكنولوجيا الحديثة، واستخدام الوقود البيئي النظيف، والتوسع في استخدام الطاقات البديلة.ثانياً، زيادة معدلات جزيئات الغبار العالقة بالهواء بسبب ظاهرة الغبار والعواصف الترابية، كما هو واضح على مؤشر القياس التابع للسفارة الأميركية. هذه الظاهرة لا يمكن القضاء عليها بسبب العوامل الجغرافية للمنطقة، ولكن يمكن التخفيف من حدتها عبر زيادة المناطق الخضراء والمحميات، وأيضاً بالتعاون مع دول المنطقة بالالتزام بتنفيذ التوصيات التي جاء عليها مؤتمر الغبار والظواهر الترابية الذي نظمته دولة الكويت، وصادق عليه ممثلو دول الإقليم.ثالثاً، صب مياه المجاري غير المعالجة من خلال الربط بشبكات مياه الأمطار، وتكرار حوادث تسرب النفط على طول الشريط البحري لدولة الكويت. هذا الموضوع يعد من أكثر العوامل التي تهدد الحياة البحرية، بحيث لم يعد بالإمكان قبوله أو تبريره، ورغم كل محاولات هيئة البيئة بتحويل هذه الملفات إلى النيابة بعد توثيقها فإن هذا الدور يظل قاصراً ما لم يكن هناك التزام ومتابعة وتعاون من وزارتي الأشغال والنفط للقضاء على هذه الظاهرة.رابعاً، إدارة المخلفات المنزلية والصناعية التي أضحت أحد أهم التحديات والمخاطر التي تواجه البيئة الكويتية ولأسباب إدارية بالدرجة الأولى، كون هذا الملف يدار من جهات مختلفة بالدولة.هناك قضايا أخرى تتطلب الوقوف عندها، والتي برز فيها دور الهيئة العامة للبيئة كقضية المخيمات الربيعية وتحديد أماكن الرعي وإدارة المخلفات ومواقع ردم النفايات. اليوم سمعنا خبر تحويل ملف موقع "رحية" أو ما يسمى مردم الإطارات إلى الهيئة العامة للبيئة بعد سنوات مرت حالت دون حلها بشكل جذري، ومن هنا وعلى مسار كثير من الدول المتقدمة في إدارة المخلفات بأنواعها (منزلية، صناعية، طبية) نطالب بأهمية إسناد هذا الملف برمته إلى الهيئة العامة للبيئة كي لا يكون هذا الملف ضحية تداخل الاختصاصات، ومن ثم يسهل محاسبة الجهة المسؤولة عن إدارة هذا الملف بعد أن يصبح في عهدة هيئة البيئة. في الأخير أبارك للأخ العزيز الشيخ عبدالله الحمود الصباح ثقة القيادة السياسية التجديد له، وأبارك لزملائه النواب سائلاً المولى عز وجل أن يعينهم على تحمل الأمانة متمنياً عليهم أن يتسع صدرهم للنقد قبل الثناء، وأن يبذلوا قصارى جهدهم لتحسين موقع الكويت البيئي. ودمتم سالمين.
مقالات
استحقاقات البيئة الكويتية
29-10-2019