دخلت التظاهرات في العراق مرحلة جديدة أمس، حين أعلنت نقابتا المعلمين والمحامين إضراباً عاماً يستمر حتى الأسبوع المقبل، مما يعني تهديداً بشل آلاف المؤسسات التربوية والقضائية التي تخدم ملايين المواطنين، وذلك في أكبر دعم تتلقاه الاحتجاجات المتواصلة منذ مطلع الشهر الجاري.

ورغم الإجراءات الأمنية والتهديدات شارك آلاف الطلاب، أمس، في مسيرات واعتصامات مؤيدة للاحتجاجات التي تدعو إلى محاسبة الفاسدين، وتحسين الأوضاع المعيشية، ومع حلول المساء تجدد العنف، مما أدى إلى مقتل 5 متظاهرين.

Ad

وغداة استقالة 4 نواب، قدّم البرلمان أمس تنازلات واسعة، وصوّت على خفض رواتب المسؤولين، ووعد بتعديل الدستور خلال 4 أشهر، لكن الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، الذي يمتلك نظرياً أكبر كتلة نيابية، قال إن القرارات خالية من محاسبة الفاسدين والجهات المتورطة في العنف.

ودعا الصدر رئيس الحكومة عادل عبدالمهدي، وهو حليف سابق له، إلى الحضور بأسرع ما يمكن إلى البرلمان، وإعلان موعدٍ لانتخابات مبكرة، مع تغيير أساسي في قانون الانتخابات والجهة التي تنظمها وضمان استقلالها بإشراف أممي، مما يمكن أن يعد تعديلاً قاسياً لطبيعة النظام وممثليه التقليديين، ويدخل في تحدٍّ لأطراف كثيرة بينها إيران التي نجحت في بناء كتلة نيابية موالية لها في انتخابات 2018 تملك فعلياً الأغلبية النيابية.

وبعد التوتر الذي شهدته تظاهرات يوم الجمعة الماضي، من إحراق مقار للميليشيات المقربة من طهران، عقب اتهامها بقتل المتظاهرين في الموجة الأولى من الاحتجاجات التي اندلعت أوائل الشهر الجاري؛ دعا نائب رئيس هيئة «الحشد الشعبي» أبومهدي المهندس، القوى السياسية إلى مساندة عبدالمهدي، لتحقيق مطالب المتظاهرين المشروعة، مؤكداً استعداد «الحشد» للوقوف ضد «الفتنة التي تريد تدمير العراق ومنجزاته».

من جانبه، قال الأمين العام لـ «عصائب أهل الحق» قيس الخزعلي، إن «الدماء التي سقطت كشفت أن هناك أطرافاً خارجية تريد بالبلاد السير للاقتتال الداخلي، والحشد الشعبي على استعداد لبذل مزيد من الدماء للحفاظ على أمن البلاد».

وكان الصدر أكد، أمس الأول، أن «الحشد» أُسس للدفاع عن العراقيين في وجه تنظيم داعش، وأنه لا يمكن أن يقف بوجه تظاهرات الشعب.

ويخشى كثير من قادة البلاد أن يؤدي تنامي الاحتجاجات إلى فوضى شاملة، لكن معظم القوى السياسية اضطرت للتضامن مع المتظاهرين، بعد سقوط عدد كبير منهم نتيجة القوة المفرطة.

ولفت نظر المراقبين تطور أساليب المحتجين، إذ يستخدمون عربات نقل بدائية تعرف بـ«التكتك» لإسعاف الجرحى ونقل المؤن الغذائية. وانضم الكثير من النساء إلى فرق الدعم، في مشهد لم تألفه الاحتجاجات السابقة طوال عشرة أعوام، وافترشن الأرض لتحضير وجبات الطعام المحلية لصغار السن، الذين لا يبرحون ميادين التظاهرات.