إيمان سعيد: على المؤلف أن يستغني عن الخطاب المباشر ويراهن على ذكاء المتلقي

أقامت أكاديمية لوياك للفنون الأدائية "لابا"، ندوة بعنوان "إشكالية العلاقة بين رؤية الكاتب ورؤية المخرج: خمسة ونص ومسافة أمان"، للكاتبة إيمان سعيد.

وفي البداية، رحبت عريفة الندوة، الإعلامية والناقدة ليلى أحمد بالكاتبة والسيناريست إيمان سعيد، وقالت إنها ولدت وعاشت في الكويت 17 عاماً، وكتبت ثلاثة مسلسلات ناجحة هي: "سحابة صيف"، و" مسافة أمان"، و"خمسة ونص".

وأشارت أحمد إلى أن سعيد درست علم النفس، وهو ما أفادها في الكتابة الدرامية، وأيضا درست النقد، معلقة على موضوع المحاضرة بأن المخرج ليس موظفاً يأخذ الأمر من إدارة أخرى، بل يحول النص إلى رؤية بصرية، بما فيه من نقلات زمن ومكان، وحدث وشخصيات.

وتساءلت عن قدرة إيمان سعيد في التعاون مع ثلاثة مخرجين، وآخرهم مخرج مسلسل "خمسة ونص" فيليب أسمر.

إشادة بـ«لوياك»

وفي بداية حديثها، أشادت سعيد بمشروع لوياك، وبينت أنها تؤمن به منذ زمن طويل، وتتابع أنشطته في الكويت ولبنان، لأنه بمثابة داعم للمجتمع المدني، ثم تطرقت إلى العلاقة بين الكاتب والمخرج، مؤكدة أهمية أن يكون هناك توافق فكري وقناعة تجاه المشروع الذي يعملان عليه وكذلك تقارب المدرسة الفنية. أما الجانب الثالث فهو إيمان كل طرف بالآخر.

مشروع درامي

وعن كيفية تحول النص إلى مشروع درامي، قالت سعيد: يمكن لمخرج أو كاتب أن يذهب إلى شركة إنتاج تتبنى المشروع، أو أن شركة الإنتاج تختار المشروع والكاتب والمخرج، مشيرة إلى أنها خاضت كلا التجربتين.

وكشفت عن عدة حالات تبين طبيعة علاقة المخرج والكاتب، فقد تأخذ العلاقة طابعاً جدلياً، وقد يتذمر الكاتب من معالجة المخرج لنصه والعكس يلقي المخرج بالفشل على سوء النص.

وشددت على أهمية وجود الكاتب والمخرج معاً أثناء الكتابة لمعالجة أي تباين في وجهات النظر، معتبرة أن ثقافة المخرج ضرورية جداً، فكلما كان قارئاً جيداً للدراما سيكون حريصاً على النص وتنفيذ أفضل رؤية له، منوهة بدور شركة الإنتاج في تنظيم العلاقة بين المخرج والكاتب بما يخدم مصلحة الجميع، داعية الكتاب أن يتواضعوا عند التنفيذ، ويحترموا رؤية المخرج التي تضيف إلى النص.

الخطاب المباشر

ورداً على سؤال حول الرقابة، قالت: في كل دولة هناك نوع من الرقابة، ففي بعض الأحيان الرقابة السياسية تكون هي الطاغية على النص، وأحيانا الرقابة الاجتماعية، وأعتقد أن الفن إعادة إنتاج للواقع بشكل غير مباشر، وعلى الكاتب أن يستغني عن الخطاب المباشر، ويراهن على ذكاء المتلقي لأنه جزء من العملية الإبداعية، كما يجب مراعاة الظروف والتغيرات السريعة في المنطقة العربية.

كما تطرقت إلى ما تسميه "الرقابة الإبداعية" حيث يتحفظ بعض المخرجين ومسؤولي الإنتاج إبداعيا، وبالتالي لم يتطور لدينا تكنيك السيناريو مثل الدول الأخرى، بسبب الخوف من المخاطرة.

وقالت إنها كتبت مسلسلي "خمسة ونص"، و"مسافة أمان"، وتم عرضهما في نفس الوقت، متحفظة عن المقارنة بينهما لأن كل عمل ينتمي إلى أسلوب فني، وبيئة ومزاج مختلف.

المدرسة الواقعية

وأضافت سعيد: كنت في السابق أقول إنني أنتمي إلى المدرسة الواقعية، وهي عادة الدراما السورية التي تتلمذت فيها، وبقيت فترة ملتزمة، إلى أن حاولت أن أكون مرنة أكثر بين المدارس الفنية، إضافة إلى استفادتي من ولعي بالسينما، موضحة أن العمل التلفزيوني يجب أن تتوافر فيه المتعة والترفيه، إضافة إلى الرسالة التي لا نستغني عنها.

واعتبرت أن مسلسلها "خمسة ونص" يعاين الطبقة السياسية والفارق الطبقي والمعيشي عند الناس، أما

"مسافة أمان" فارتبط بالوجع الذي تعيشه سورية، وقالت: "هذا العمل أكل من روحي"، فأصعب جو يعيشه الإنسان هو الحرب، مشيرة إلى أنها خرجت بعد كتابة العمل مجهدة نفسيا.

مبادئ الكتابة

وعلى هامش الندوة، قالت إيمان: قدمت الكويت بدعوة من "لوياك" ومن رئيس مجلس إدارتها فارعة السقاف لإقامة ورشة عمل عن مبادئ الكتابة الدرامية والسيناريو، وهنا ستتناول الورشة الحديث عن عناصر الدراما والتعريف بها وإعطاء نماذج تطبيقية ودفع المنتسبين لصياغة القصة عن طريق العصف الدماغي والإبداعي، وأعتقد أن هذه الدورة أيضا تناسب الأشخاص الراغبين في الكتابة الصحافية حول الأعمال الفنية، كما انني اعتبر أن جزءا من دورنا ككتاب أن ننقل هذه الخبرات للأجيال القادمة، فالعلم ليس وصفة سرية لتبقى محتكرة، والسوق الفني والإنتاجي اليوم لا يزال يعيش أزمة النص الجيد، لذلك ممكن يرفد هذا النوع من ورشات العمل سوق العمل بمواهب وامكانات جديدة وشابة.