"رب ضارة نافعة"، هو أفضل مَثلٍ يمكن أن ينطبق على حال منتخبنا الوطني الأول لكرة اليد، بعد احتلاله المركز السادس في التصفيات الآسيوية التي أقيمت أخيراً في قطر وحصل على لقبها وبطاقة التأهل لأولمبياد طوكيو 2020 منتخب البحرين، وذهب الوصيف كوريا الجنوبية إلى المحلق الأولمبي، لعله يلحق بركب المتأهلين من أضيق الأبواب، في وقت خرج باقي المنتخبات بخفي حنين، وفي مقدمتها منتخب قطر "العالمي"، وإيران والكويت، مع اختلاف مراكزها.فالنتائج في التصفيات الأولمبية وضعتنا أمام حقائق لابد من التعامل معها بحرفية، إذا أردنا الخروج من الكبوة التي نمر بها، واللحاق بفرصة التأهل لكأس العالم من باب وجود البطولة على أرضنا ووسط جماهيرنا المتعطشة للفوز واسترجاع أمجاد الماضي.
بداية، لابد من الوقوف على أرض الواقع حالياً، ونسيان نغمة أن الإيقاف أثّر على مستوى لاعبينا، لأن الجميع أصبح يعلمها، بل يمكنه ترديدها، لكن على أصحاب تلك النغمة أن يعلموا أن الفرد العادي والشارع الرياضي والوسط الإعلامي لن يقبلوا الإخفاق مرة أخرى وبنفس العذر، بمعنى أدق "راح خيرها".
الوضع الحقيقي
الطموح غير المستند إلى الواقع جعل الجميع لا يلتفت للوضع الحقيقي للأزرق العائد بعد 4 سنوات عجاف من الإيقاف، لدرجة أننا تناسينا أن هذا الجيل دفع ثمناً باهظاً لظلم الإيقاف، ولا يمكن أن ينهض في بضعة أشهر "أي من سبات عميق"، بعيداً عن الساحة الدولية إلى منصات التتويج، وهذا مخالف لجميع الأعراف العالمية والرياضية.هناك نتيجة استخلصها فريق من علماء جامعة أوهايو الأميركية لابد أن نستفيد منها جيداً، هي "أن الشعور بألم الفشل يؤدي إلى المزيد من الجهد لتصحيح الأخطاء وتحسين الأداء في المستقبل"، وهو ما نحن بصدد توضيحه في هذا التحليل للنهوض من الكبوة الحالية للمنتخب.النتائج السلبية
أولاً: لابد أن يتحمل الجميع النتائج السلبية للمنتخب وبنفس القدر، وعليهم نفس المسؤولية في استعادة الاتزان والعودة للطريق الصحيح، بداية من اللاعبين الذين ظهروا بمستوى غير جيد عكس تواضع الدوري المحلي في السنوات العجاف الأربع الماضية، وتأثيره المدمر على اللاعبين فنياً وانضباطياً، والأخير كان واضحاً على مدار البطولة، وعليهم مراجعة سلوكهم الانضباطي قبل الفني حتى يتحقق النجاح.ثانياً: البطولة كشفت أن الجهاز الفني للمنتخب، بقيادة الفرنسي سيلا ومساعديه، متواضع، ولا يتناسب مع طموحات الأزرق في الفترة الحالية، لأنه مطالب بتحقيق نتائج كبيرة في وقت قصير.كما أن لجنة المنتخبات الوطنية تتحمل أيضاً جزءاً من المسؤولية؛ لأن التخطيط لم يكن جيداً، ولم تكن المعسكرات الخارجية مفيدة بالقدر الكافي، وخصوصاً آخرها الذي كان في تركيا لتواضع مستوى اللعبة هناك.روشتة النهوض حتى نتمكن من النهوض واللحاق بكأس آسيا بعد شهرين، لابد من تكاتف الجميع والبعد عن تصيد الأخطاء وتأجيل الحساب إلى ما بعد البطولة، ثم العمل بعد ذلك على ثلاثة محاور رئيسية، أولها دعم الجهاز الفني الحالي بقيادة الفرنسي سيلا بمدرب آخر لديه خبرة أكبر عن لاعبينا، وطريقة العمل في المنطقة العربية، وإن تعذر ذلك، يجب البحث عن بديل سريع وجيد قادر على احتواء الأمر من جميع النواحي.ثاني المحاور يتعلق بلجنة المنتخبات التي عليها اختيار اللاعبين الأكثر انضباطاً والتزاماً بتعليمات الجهاز الفني والأكثر إنتاجية داخل الملعب بغض النظر عن الأسماء والنجومية، لأن المهمة قومية وشاقة للجميع.أما المحور الثالث، فيقع على عاتق الاتحاد ولجنة المنتخبات أيضاً، ويتمثل في وضع برنامج إعداد مكثف ومقنن بصبغة علمية تتخلله معسكرات في بلاد متقدمة باللعبة ومباريات قوية تخدم فكر واستراتيجية المدرب، حتى يكون الفريق مستعداً بشكل أكبر للدفاع عن ألوان الأزرق في كأس آسيا المقبلة.