الحجي: الكويت جزء من ثقافة غرب المحيط الهندي
خلال محاضرة «حكايات من التاريخ البحري» بفعالية «حديث الاثنين» في مركز جابر الأحمد الثقافي
خلال محاضرته «حكايات من التاريخ البحري» التي أقيمت ضمن «حديث الاثنين» في مركز جابر الثقافي، أخذ د. يعقوب الحجي الحضور في رحلة ابتعدوا خلالها عن عصر النفط وتبعاته، وتوغلوا في عصر البحر وخيراته، عبر حكايات تاريخية، وذكريات بحرية.
ضمن الموسم الثقافي لمركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي، شهدت قاعته المستديرة فعالية «حديث الاثنين»، التي استضافت د. يعقوب الحجي، ليلقي محاضرة بعنوان «حكايات من التاريخ البحري»، بحضور جمع كبير من المهتمين، وقدمها د. عباس الحداد.وقال الحداد، في تقديمه، إن «الحجي يتمتع بصفتين متلازمتين منذ أن عرفته، هما البحث الدؤوب، والكرم الشديد، فهو باحث نذر نفسه بحق للبحث والدراسة والتنقيب والتوثيق للحياة البحرية في الكويت، وكريم عند السؤال، فما تطلب منه معلومة، أو شيئاً يتعلق بالعلم إلا جاد به دون تردد أو منة». بدوره ، أخذ الحجي الحضور في رحلة ابتعدوا خلالها عن عصر البترول وتبعاته، وتوغلوا في عصر البحر وخيراته، عبر حكايات تاريخية، وذكريات بحرية، جعلتهم يعيشون اللحظة الماضية وتعرفوا عليها أملا في الإفادة، وسعيا لتغيير الواقع إلى ما هو أفضل.
وبيّن أن الكويت كانت منذ نشأتها، حتى بدلت ثروة البترول كيانها الاقتصادي والاجتماعي، بلدة بحرية نشيطة، وكان اعتماد أهلها في عيشهم متأثراً بالبحر، وبالبادية خلفهم، فكان البحر والبر بمنزلة جناحَي الطائر اللذين لا غنى لأهلها عنهما، والكويت كانت آنذاك جزءاً من حضارة بحر العرب وغرب المحيط الهندي، ومتأثرة بقيم تلك المنطقة الجغرافية اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً.
ميناء الكويت
وطرح الحجي التساؤل: لماذا أصبح ميناء الكويت أفضل ميناء في شمال شرق الجزيرة العربية؟ وأجاب بأنه يعتقد أن التكامل كان موجوداً بين التاجر والبحارة وصاحب السفن والنوخذة، وأن هذا الثلاثي حقق تلك الميزة لتكون «بندر»، من شمال شرق الجزيرة العربية في كل حاجياتها.وذكر أن «التاجر والبحار وصاحب السفن لا يمكن أن يستمروا في بناء مجتمع بدون أن يكون هناك حاكم عادل يستطيع أن يدير هذه البلدة، وهو الشيخ مبارك الصباح، الذي حرص على شعبه وحافظ عليهم».وقدم تساؤلا آخر هو: كيف ظهر لهذا المجتمع البسيط أفضل صناع السفن في الخليج حتى ينافس الهند بكاملها؟ مقدماً مثالا على ذلك بعبدالرحمن الزياني، التاجر الكبير في البحرين، الذي أراد خلال الحرب العالمية الأولى صنع سفينة كبيرة في النقل البحري، وسافر إلى الهند لمباشرة صناعتها، لكنه أخذ صناعاً من الكويت، ومن بينهم صالح الراشد ومحمد الثويني عام 1916.وخلال حديثه، أكد الحجي أن «علاقتنا بالهند كانت كبيرة وقوية»، موضحاً أن الكويت تعتبر جزءاً من ثقافة غرب المحيط الهندي لا جزءاً من حضارة وتراث الشرق الأوسط، وكان هناك تكامل اقتصادي وثقافي وتجاري بسبب تلك المناطق التي كانت تمتاز بأنها ساحلية، إضافة إلى أنها ذات اتصالات وطبيعة المناخ».المرأة الكويتية
وحول المرأة الكويتية، أوضح أنها في ذلك الزمان كانت ذكية، وكان دورها مبنياً على التضحية، مستذكراً الموقف التالي: «عندما سأل المرحوم النوخذة عيسى العثمان عن فترة الأشهر الستة في البحر وكيفية بقاء أسرهم طوال تلك الفترة، أجاب العثمان: عندما نترك أهلنا، فلدينا نساء يقمن بالواجب».وبيّن الحجي أن حرفة الغوص هي أكثر حرفة مارسها أهل البحر ولكنها متعبة ولها نظامها الخاص، وإلى الآن لم توثّق توثيقاً جيداً، قبل أن يسرد بعض المواقف والقصص التي حدثت في السابق، ومنها أن «النوخذة» راشد بن أحمد الرومي مرِض لديه شخص، لكنه انتظر حتى يشفى، كما تطرق إلى سالم بوقماز الذي عينته الحكومة نظرا لنزاهته وحكمته.ذكاء وبراعة
وأكمل الحجي حديثه الشائق الذي تميز بتسلسل ودقة، وبيّن ذكاء وبراعة «النواخذة» والبحارة في ذلك الزمان بشهادة الرحالة، ومنهم النوخذة معيوف البدر نجل الشاعر حمود الناصر البدر، وروى أنه في أحد الأسفار أراد العبور من ساحل إفريقيا الشرقي إلى بومباي، وكانت هناك باخرة انكليزية لها مواعيد، وركب معهم كراكب، وأبلغ البحارة أن الاتجاه غير صحيح، فأبلغوا القبطان الذي أعجب بالبدر، وسلم له شهادة عن الملاحة.الفن البحري
ولم تخلُ الأمسية من الحديث عن الفن البحري الذي يقام على ظهر السفينة من جانب النهام، إذ بيّن الحجي أن «النهمة» لا تتطلب صوتاً عذباً، فالفنان الراحل عوض دوخي أراد أن «ينهم» لكنه لم ينجح، و»النهمة» تحتاج إلى صوت جميل وفن ومعاناة في البحر، إلى جانب الاعتماد على الفن الزهيري، لافتاً إلى أن النهام عبدالعزيز الدويش كان يلقب بـ «شيخ النهامين» في الكويت والخليج.
الحجي تساءل عن سبب أفضلية ميناء الكويت