مساع لتحويل جلسات تحقيق «عزل ترامب».. إلى علني

• يواجه أصعب عملية إعادة انتخاب منذ عقود

نشر في 30-10-2019 | 18:22
آخر تحديث 30-10-2019 | 18:22
الرئيس الأميركي دونالد ترامب
الرئيس الأميركي دونالد ترامب
بعد 5 أسابيع من الجلسات المغلقة للاستماع إلى شهود حول مزاعم ممارسة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ضغوطا على أوكرانيا تفيده سياسيا، كشف الديمقراطيون في مجلس النواب عن خطط لجعل التحقيق في قضية عزل ترامب مفتوحا، أي بما يسمح بعقد جلسات استماع علنية، يمكن أن يشارك فيها الرئيس ايضا، في وقت يتم العمل على ملف عزله.

واقترح الديمقراطيون تشريعات جديدة للمراحل التالية من العملية، تمنح الجمهوريين الحق في طلب شهود وإصدار مذكرات استدعاء.

وبعد ذلك تتولى لجنة الاستخبارات في مجلس النواب عملية تثبيت الأدلة من الشهادات والوثائق، مع قدرة كلا الطرفين على استجواب الشهود في مكان عام.

أما المرحلة الثالثة فستشهد تقديم الأدلة ضد ترامب إلى اللجنة القضائية، لتحديد الاتهامات التي سيتم توجيهها، ثم يتم التصويت عليها في مجلس النواب.

وأكدت لجنة الأنظمة الداخلية في مجلس النواب أن القواعد الجديدة تمنح ترامب ومحاميه فرصتهم الأولى للاضطلاع بدور مباشر والمرافعة في القضية ومقاطعة شهادات وأدلة.

لكنها أضافت أنه إذا استمر البيت الأبيض في رفض الاستجابة لمذكرات الاستدعاء والادلاء بشهادات، كما فعل حتى الآن، فقد يتم حرمانه من بعض الحقوق الموعودة في جلسات الاستماع.

ومن المقرر أن يتم التصويت على القواعد الجديدة في مجلس النواب ذي الغالبية الديمقراطية اليوم، ما يزيد التهديد الماثل فوق ترامب، الذي يعتبر واحدا من أكثر الرؤساء إثارة للانقسام في تاريخ الولايات المتحدة.

ورفض البيت الأبيض، أمس الأول، تشريعات الديمقراطيين هذه لجعل التحقيق في عزل ترامب علنيا.

وقالت ستيفاني غريشام، الناطقة باسم ترامب، إن "التحقيق الذي يجريه الديمقراطيون كان خدعة غير شرعية منذ البداية، لأنه يفتقر إلى أي تفويض مناسب من خلال تصويت في مجلس النواب".

وجاء الكشف عن هذا المخطط للديمقراطيين مع مثول مسؤول في البيت الأبيض ومحارب قديم أمس الأول، أمام الكونغرس للإدلاء بشهادة محرجة في التحقيق الهادف إلى عزل الرئيس.

وفي شهادة متفجرة أُعدّت مسبقا، أعلن الخبير في شؤون أوكرانيا بمجلس الأمن القومي اللفتنانت كولونيل الكسندر فيندمان، أنه أصغى شخصيا لضغط ترامب على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي في اتصال هاتفي في 25 يوليو.

وذكر فيندمان، الذي وصل إلى مبنى الكابيتول هيل ببزته العسكرية، للجنة التحقيق في مجلس النواب، انه أبلغ مرتين عن قلقه إزاء مساعي البيت الأبيض لجعل كييف تجري تحقيقات بهدف مساعدة ترامب سياسيا.

وتقدم شهادة فيندمان بعض أقوى الأدلة حتى الآن على اتهامات بأن ترامب أساء استخدام صلاحياته الرئاسية وخرق قوانين الانتخابات للحصول على دعم كييف في مساعيه لإعادة انتخابه العام المقبل.

وهاجم ترامب، على "تويتر"، فيندمان، وتساءل في التغريدة: "كم من المعارضين الآخرين لترامب في الحزب الجمهوري سيسمح لهم بالإدلاء بشهاداتهم حول مكالمة هاتفية لائقة تماما؟".

ومخالفا أوامر البيت الأبيض بعدم الامتثال إلى مذكرة استدعاء من الكونغرس، فإن فيندمان أول شاهد عيان أصغى شخصيا للاتصال الهاتفي في 25 يوليو.

وتحرك الجمهوريون لضرب مصداقية فيندمان، وشككوا في ولائه، لافتين إلى أنه هاجر إلى الولايات المتحدة قادما من الاتحاد السوفياتي بعمر ثلاث سنوات، ومعتبرين أنه جزء من بيروقراطية الأمن القومي الأميركي لتقويض ترامب.

أصعب عملية إعادة انتخاب

غالبا ما توصف الانتخابات بأنها كسباق الخيول، لكن عندما يسعى دونالد ترامب إلى انتخابه لولاية ثانية خلال 12 شهرا، ستصبح هذه الانتخابات أشبه بمصارعة الوحوش.

فترامب الذي يعتبر واحدا من أكثر الرؤساء إثارة للانقسام في تاريخ الولايات المتحدة، ويواجه تحقيقاً بهدف عزله في الكونغرس الذي تشله الحزبية، سيتوجه إلى الناخبين المنقسمين بشدة في انتخابات 3 نوفمبر 2020.

ولا يزال الديمقراطيون بعيدين عن اختيار خصم لترامب رغم العدد القياسي للمرشحين المتنوعين ومن بينهم اثنان من اصل إفريقي، ونحو 6 نساء ورجل مثلي ومرشحان بارزان يسعيان إلى تحويل الولايات المتحدة ديمقراطيا إلى اليسار.

ولكن شيئا واحدا يوحدهم وهو الرغبة في اذلال قطب العقارات ترامب، وجعله رابع رئيس أميركي منذ الحرب العالمية الثانية يُنتخب لمرة واحدة فقط.

يقول أحد المرشحين الديمقراطيين البارزين، وهو نائب الرئيس السابق الوسطي جو بايدن، إن "المعركة على روح أميركا" دائرة.

ويرد عليه ترامب بالقول إن الديمقراطيين "يريدون تدمير بلادنا".

ووسط تحذيرات الاستخبارات الأميركية بأن روسيا تسعى إلى تكرار خدعها القذرة التي مارستها خلال حملة انتخابات الرئاسة الأميركية في 2016، فإن احتمال انتهاء السباق الرئاسي بأزمة حقيقية لا يزال واردا.

وقال ألان ليشتمان، بروفيسور التاريخ البارز في الجامعة الأميركية، إن "هذه الانتخابات هي الأكثر حرارة وغموضا". إن مصير ترامب يهم العالم كله.

فهناك قائمة لا حصر لها من القضايا الرئيسية التي تعتمد على ما إذا كان شعار ترامب "أميركا أولا" سيتواصل مدة 4 سنوات أخرى.

ومن بين هذه القضايا الخلافات التجارية مع الصين والاتحاد الأوروبي، ومستقبل حلف شمال الأطلسي، والتدخلات في الشرق الأوسط وأفغانستان، والبرنامج النووي الإيراني، والأزمة النووية في كوريا الشمالية. ولكن لا أحد يمكنه التنبؤ بالنتائج.

وتظهر استطلاعات الرأي انخفاض نسبة ترامب مقابل أي مرشح ديمقراطي جدي. وثبتت نسبة التأييد له عند أقل من 40% وهي نفس النسبة أثناء معظم سنوات رئاسته.

ولكن هذا الرئيس، الذي لا يحظى بشعبية، صدم العديد من الخبراء عندما هزم هيلاري كلينتون في 2016.

وأظهرت استطلاعات رأي أجرتها وكالة "موديز أناليتيكس" في أكتوبر الماضي أن ترامب قادر على تكرار هذا الإنجاز، أي انه سيفقد مرة أخرى الأصوات الشعبية، لكنه سيفوز بسهولة في تصويت الهيئة الانتخابية الأكثر أهمية، من خلال التركيز على معاقل ذات مواقع استراتيجية.

ويقول تشارلز فرانكلين، مدير استطلاع كلية الحقوق بجامعة ماركيت، إن عمق وشدة الانقسامات الجمهورية - الديمقراطية في جميع أنحاء البلاد يعني أنه لا يوجد حل وسط.

وأضاف: "الدعم للرئيس شديد في قاعدته، كما أن الدعم لمعارضيه شديد كذلك".

وأكد أنه يجب الانتباه إلى مجموعة صغيرة من الناخبين يقولون انهم "يوافقون نسبيا" على أداء الرئيس، إذ يمكن أن يكون انتقالهم إلى "لا يوافقون نسبيا" إشارة خطر لحملة الرئيس.

ولكن التحقيق في عزل ترامب يمكن أن يطيح بكل ذلك.

ويتهم الديمقراطيون الرئيس بمحاولته إجبار أوكرانيا على فتح تحقيق في نجل بايدن، أي استغلال السياسة الأميركية الخارجية لتحقيق أغراض سياسية شخصية.

رغم أنه يبدو من غير المرجح أن ينجح الديمقراطيون في إدانة ترامب، لكن وحتى بدون عزله من منصبه، فإن تصويت مجلس النواب لعزله سيبقى في سجل ترامب.

ولم ينجح الكونغرس سوى في عزل رئيسين سابقين، لكن الفضيحة ستؤدي على أقل تقدير إلى زيادة المرارة في البلاد، وستكون لها تبعات لا يمكن التنبؤ بها.

back to top