عقدت اجتماعات ولقاءات مكثفة قادها الرئيس العراقي برهم صالح بين القوى السياسية بهدف تنسيق خطوات وصفت بالكبيرة لاحتواء الغضب الشعبي المتفاقم مع تواصل الموجة الثانية من الاحتجاجات التي اندلعت مطلع أكتوبر المنصرم، لكنها لم تتوصل بعد إلى سلة كاملة لحل الأزمة.

وأفادت تقارير بعقد اجتماع للرئاسات الثلاث، رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، ورئيس البرلمان، وقادة الكتل السياسية في قصر السلام ببغداد لتدارس الأوضاع، صباح أمس.

Ad

وانتهى اجتماع آخر ضم رئيس الجمهورية وقوائم "الفتح" و"دولة القانون" و"سائرون" و"الحكمة" و"النصر" وبعض القوى السياسية مساء أمس، بالاتفاق على مناقشة إجراء جملة من الخطوات والتعديلات.

ونقل عن مصادر سياسة، أن اجتماع حضرته 10 شخصيات، منها زعيم كتلة "الفتح"، هادي العامري، ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي، ورئيس هيئة "الحشد الشعبي"، فالح الفياض، ورئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، والنائب رشيد العزاوي، وجرى الاتفاق خلال الاجتماع على إجراء التعديلات الدستورية اللازمة، وتقديم إصلاحات عاجلة يلمسها المواطن، إضافة إلى حماية المتظاهرين والتعامل السلمي معهم ومحاسبة المخربين.

وبحثت الكتل السياسية مع صالح المخرج القانوني لإقالة الحكومة، فإما أن يكون استجواباً في البرلمان لرئيس الوزراء عادل عبدالمهدي ثم إقالته، أو يذهب رئيس الجمهورية إلى إقالة الحكومة مباشرة.

اختلاف وتواصل

وعن استقالة رئيس الحكومة، التي يضغط راعي "سائرون" رجل الدين البارز مقتدى الصدر من أجلها، فقد تم الاختلاف على إعلانها بسبب التظاهرات والأجواء المضطربة أو تقديمها وتوضع تحت تصرف البرلمان إلى حين توافر البديل.

وأكد الاجتماع أن "كل التغييرات الحكومية وغيرها ممكنة ومقبولة لكن تحت الغطاء الدستوري والقانوني، وتحديداً إقالة الحكومة، لكن قد تسبقها النقاط أعلاه تخوفاً من حدوث فراغ دستوري".

وذكر مصدر سياسي آخر، وجود تواصل بين رئيس الجهورية، والصدر، لإقالة رئيس الحكومة.

وقال إن "التواصل ك‍ان موجوداً في وقت سابق بين صالح والصدر، لكنه عُزز أمس الأول، عندما عاد زعيم التيار الصدري من إيران"، مبيناً أن "الطرفين يبحثان إقالة عبدالمهدي داخل قبة البرلمان".

في السياق، قال نائب في البرلمان، إن الاجتماع بحث أسماء بديلة لعبدالمهدي، الذي رفض دعوة الصدر له بالاستقالة، ومنها محافظ البصرة أسعد العيداني، والنائب عدنان الزرفي، ووزير العمل والشؤون الاجتماعية السابق محمد شياع السوداني.

واعتبر أن إيران دخلت منذ فترة على خط التظاهرات ساعية، عبر أتباعها من السياسيين العراقيين، إلى محاولة امتصاص غضب الشارع من خلال إقالة الحكومة وإجراء انتخابات مبكرة، لكن وفق شروطها.

وادعى مصدر آخر أن قائد "فيلق القدس" في "الحرس الثوري" الإيراني سليماني تابع عبر الهاتف اجتماع رئيس الجمهورية مع قادة الكتل السياسية، وعلم بكل مجريات الاجتماع، ومنها اختيار بديل لرئيس الوزراء، وقد "نصح" بألا يكون من خارج تحالف "الفتح" المقرب منه.

كلمة وإنهاء

ولاحقاً، توجه صالح بكلمة متلفزة إلى الشعب العراقي تناولت أوضاع البلاد، وأكد أنه مع المتظاهرين السلميين في تحركهم.

وشدد على إحالة ملفات فساد للقضاء للبت فيها. وأشار إلى تحركه باتجاه وضع قانون جديد للانتخابات بعيداً عن الهيمنة الحزبية، متوقعاً تقديمه خلال الأسبوع المقبل للبرلمان.

وقال إن رئاسة الجمهورية تعمل على فتح حوار وطني للعمل على طرح إصلاحات ومعالجة الوضع الذي لا يمكن أن يستمر.

وأعلن رئيس البرلمان رفع جلسة تم مد أجلها الثلاثاء الماضي بهدف حضور رئيس الحكومة الذي لم يعلن موقفه بشأنها.

وأكد الحلبوسي أنه عند حضور عبدالمهدي أو من يمثله فستكون الجلسة علنية وتنقل مباشرة على شاشات التلفزة.

وتأتي تلك التطورات في وقت اتمت الموجة الثانية من الاحتجاجات أمس، أسبوعها الأول. وشهدت العاصمة بغداد وعدد من المحافظات جنوب ووسط البلاد مظاهرات تطالب بإقالة الحكومة والبرلمان وتعديل الدستور، إلى جانب المطالبة بالإصلاح على المستوى السياسي والاقتصادي ومحاربة الفساد المستشري في مفاصل الدولة.

وليل الأربعاء ـ الخميس، ارتفعت حدة التظاهرات في بغداد واستخدمت القوى الأمنية الغاز المسيل للدموع لمنع آلاف المحتجين الغاضبين من التوجه إلى المنطقة الخضراء شديدة التحصين التي تضم مقرات دبلوماسية وحكومية.

وفي الوقت نفسه، سقط صاروخ كاتيوشا قرب السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء، ما أسفر عن مقتل عسكري عراقي وجرح ثلاثة آخرين.

وعلى بعد مئتي كيلومتر جنوباً، خرجت تظاهرات هي الأكبر منذ بداية الاحتجاجات في الديوانية وأعلن الطلاب والأساتذة والموظفون في المدينة الإضراب العام.

وفي الناصرية والسماوة والعمارة، في الجنوب، احتشد المتظاهرون في الساحات مجدداً.

أما في مدينة البصرة النفطية، واصل متظاهرون قطع الطرقات المؤدية إلى ميناء أم قصر، ما أثار القلق حيال عمليات استيراد المواد الغذائية.

وكان لافتاً شعارات التظاهارات التي رددت "لا مقتدى ولا هادي" و"كلهم كلهم"، في تأكيد على رفض الحراك الطبقة السياسية برمتها، ومن دون استثناء.