لبنان: الحريري يحرّك شارعه... ولا كلام جدّياً عن التأليف

رئيس حكومة تصريف الأعمال: سرقوني واستفادوا مني وكل واحد «جاي حسابو»
● «حزب الله»: التدخل الأميركي هو السبب!
● باريس للإسراع في تشكيل حكومة

نشر في 01-11-2019
آخر تحديث 01-11-2019 | 00:04
الأمن يحيد متظاهرين على جسر الرينغ في بيروت أمس	 (أ ف ب)
الأمن يحيد متظاهرين على جسر الرينغ في بيروت أمس (أ ف ب)
رغم استقالة الحكومة اللبنانية، لا يزال المتظاهرون متشبثين بالشارع، بسبب التأخر الحاصل في الدعوة للقيام بالاستشارات النيابية لتسمية رئيس حكومة جديد، ما انعكس توتراً، مساء أمس الأول، إذ عمد مناصرو تيار «المستقبل» إلى قطع الطرقات في بعض المناطق، مطالبين يإسقاط رموز الدولة بأكملها.
كان الشارع السني إلى الأمس القريب، وتحديداً حتى لحظة استقالة رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري، يضع اعتبار استمرار وجود زعيمه على رأس السلطة التنفيذية في حساباته، مما حال دون مشاركته مع المتظاهرين في الساحات، إلا أنه بعد استقالة الحريري انضم، مساء أمس الأول، إلى الحراك الدائر في لبنان، فقطع طرقات رئيسية عدة في البقاعين الأوسط والغربي وفي طرابلس والمنية والعبدة والساحل الجنوبي. أما في العاصمة بيروت، فجابت الدراجات النارية أكثر من منطقة، دعماً للحريري، ورفضاً للأصوات التي تدعو إلى عدم تسميته مجدداً لرئاسة الحكومة. ومع محاولة الجيش فتح الطرقات في أكثر من مكان، شهدت ساحة العبدة في عكار وقوع ستة جرحى من المدنيين. وأدى ذلك إلى توسيع دائرة قطع الطرقات الرئيسية شمالاً وجنوباً وبقاعاً.

اتصالات مكثفة

وتجري اتصالات مكثفة بين القصر الجمهوري مع عدد من الفرقاء لإيجاد صيغة لانطلاق الاستشارات النيابية الملزمة، من أجل تجنيب لبنان الوقوع في المجهول. وقالت مصادر متابعة أمس: «نحن لسنا في ظروف عادية بل استثنائية، وأي قرار أو إجراء يجب أن يدرس بتأنٍّ وهدوء، وهذا ما يدفع الرئيس ميشال عون الى تأخير موعد المشاورات التي قد تكون نهاية هذا الأسبوع أو بداية الأسبوع المقبل».

وأكدت مصادر وزارية متابعة لاتصالات قصر بعبدا أن «رئيس الجمهورية سيدعو إلى الاستشارات النيابية الملزمة، عندما يرى أنها لن تؤدي إلى شرذمة وضياع واستمرار الفراغ، إذ إن عون يرى في عملية تصريف الأعمال فراغا في ظل الأوضاع الأمنية والاقتصادية السائدة حاليا».

وأشارت المصادر الى أن «عون ما زال يواصل مشاوراته من أجل تكليف شخصية تحظى بالأكثرية النيابية، وأن الحريري هو من الشخصيات التي يقدرها عون كما يقدر جهات السياسية أخرى أيضا»، لافتة إلى أن «لا كلام حتى الأن لا بشكل الحكومة ولا عددها».

وأبدت المصادر خشيتها من «إجهاض مطالب الناس بعد تسييسها في الشارع، وأن تكون الاستقالة قد أدت إلى انقسام، معربة عن ارتياحها لما يقوم به الجيش لفتح الطرقات بعدما أزيلت الحواجز من وجهه».

اجتماع بيت الوسط

في موازاة ذلك، كشفت وكالة «رويترز»، أمس، عما دار من حديث في لقاء رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري مع المعاون السياسي للأمين العام لـ»حزب الله» حسين الخليل قبل اعلان استقالته.

وأشارت «رويترز» الى أن «الحريري ابلغ الخليل بأن لا خيار له سوى الاستقالة من منصب رئيس الوزراء، وتسبب هذا القرار في صدمة لحسين الخليل، الذي نصحه بعدم الإذعان للمحتجين الذين أرادوا إطاحة حكومته الائتلافية».

ونقلت الوكالة تفاصيل الاجتماع بينهما من أربعة مصادر رفيعة المستوى من خارج تيار «المستقبل»، لافتة الى أن «الاجتماع بدأ في الثامنة مساء الاثنين في بيت الوسط، ولم يستمر طويلا».

وذكر أحد المصادر أن «الحريري قال لحسين الخليل: لقد اتخذت قراري. أريد الاستقالة من أجل إحداث صدمة إيجابية وإعطاء المحتجين بعضا مما يطلبون». وتابعت: «سعى حسين الخليل لإثنائه عن موقفه. وقال له: هذه الاحتجاجات صارت على أبواب أن تنتهي تقريبا. صارت بآخر نفس، نحن حدك (بجانبك). خليك قوي. لكن الحريري تمسك بقراره».

وتابع: «شكا الحريري من عدم حصوله على الدعم الذي يحتاجه لإجراء تعديل كبير في الحكومة، ربما كان سيسهم في تهدئة الشارع ويسمح بتنفيذ إصلاحات على وجه السرعة، وقال: لم أعد أتحمل ولا أتلقى أي مساعدة».

وأردف المصدر: «قال الحريري إن المشكلة الرئيسية تتمثل في وزير الخارجية جبران باسيل، الذي اختلف الحريري معه مرارا منذ تشكيل حكومته في يناير»، كاشفاً أن «الحريري قال لمعاون نصر الله: أنتم يا حزب الله تقفون خلف جبران وتدعمونه».

إلى ذلك، اتهم الحريري أطرافاً لبنانية كانت قريبة منه، بـ»سرقته والاستفادة منه»، مشيرا إلى أن كل واحد منهم سيحاسب.

وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو للحريري، وهو يستقبل وفدا من العائلات في بيت الوسط يقول فيه: «أكلوا معي واستفادو مني وسرقوا مني، وبالأخير عم بيزايدو عليَّ».

وفي فيديو آخر خلال استقباله نواباً وشخصيات ومناصرين، قال الحريري: «هني ناس كانوا معي ومعروفين مين هني، وقديش استفادو مني، وقديش سرقوا مني، فكل واحد منن جاي حسابو».

جعجع

من ناحيته، أكد رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن «الثورة التي قامت في لبنان كانت ولا تزال وستبقى ثورة لبنانية خالصة، نشأت بشكل عفوي تلقائي، وهي الآن بصدد أن تفرز بعض القيادات من صفوفها». وقال في حديث صحافي إن «استقالة الحكومة ليست هدفا بحد ذاتها، وإنما خطوة أولى باتجاه تصحيح المسار القائم في لبنان». ورأى أن «مسألة تغيير النظام اللبناني ليست مطروحة في الوقت الراهن، بقدر ما أن المطروح هو حل المسائل الاقتصادية المالية المعيشية».

«حزب الله»: التدخل الأميركي هو السبب!

اعتبرت كتلة «الوفاء للمقاومة» البرلمانية التابعة لـ «حزب الله»، أن «استقالة الرئيس سعد الحريري ستسهم في هدر الوقت المتاح لتنفيذ الاصلاحات واقرار موازنة 2020 وتزيد من فرص الدخول على خط الأزمة». وأملت الكتلة خلال اجتماعها أمس أن «تسلك الاستشارات النيابية الملزمة مسارها الطبيعي للشروع في تشكيل حكومة قادرة على القيام بالمهام المطلوبة منها، داعية حاكمية مصرف لبنان لاتخاذ كل التدابير لضمان عدم تفلت الوضع النقدي». كما دعت «الجيش والقوى الأمنية إلى الحفاظ على الأمن»، معتبرة أن «التدخل الأميركي هو السبب الرئيسي للفوضى المنتشرة».

باريس للإسراع في تشكيل حكومة

شدد وزير الخارجية الفرنسية جان إيف لودريان على ضرورة الإسراع في تشكيل الحكومة اللبنانية للدفع بالإصلاحات. وقال في بيان، أمس، «بعد استقالة رئيس الوزراء سعد الحريري، من الضروري، ومن اجل مستقبل لبنان، أن تشكل بسرعة حكومة قادرة على إجراء الإصلاحات التي يحتاج اليها البلد». وأضاف: «من الضروري أن تسهل جميع القوى السياسية، منذ الآن، تأليف حكومة جديدة قادرة على الاستجابة للتطلعات المشروعة التي أعرب عنها اللبنانيون».

back to top