أولاً وأخيراً: الضرب في سورية حرام
![مشاري ملفي المطرقّة](https://www.aljarida.com/uploads/authors/778_1682431386.jpg)
ورغم اعترافنا بإجرام النظام السوري الحالي، وأنه هو الذي قاد شعبه إلى التهلكة، وتسبب في الدمار والخراب والقتل والتشريد على مدار السنوات الماضية، فإننا قد تعلمنا من ديننا الإسلامي الحنيف وتربينا على عاداتنا وتقاليدنا العربية الأصيلة أن ندافع عن المظلومين، ونرفض من يهاجم الضعيف ويستقوي عليه في وقت شدته، وألا نؤيد ونشجع من ينهش في جسد الميت كما هو وضع سورية الآن التي لا تقوى على رد العدوان التركي عليها، وبالتالي يكون من الأحرى بنا أن نساعدها في مقاومة هذا الغزو، أو أن نصمت، ولا نعلن تأييدنا له، فالمبادئ لا تتجزأ، وما نصفه بالغزو والعدوان على أرضنا لا يحق لنا أن نغير وصفه وتلميعه ونعته بمسميات أخرى إذا كان على أرض غيرنا، بحجة أن من يقوم بذلك دولة تريد رفع راية الإسلام وإعادة الخلافة مرة أخرى، وفي الحقيقة كل هذا كذب وتدليس وحق يراد به باطل، فتركيا تريد التخلص من الأكراد والاستفادة من خيرات سورية، ولا تحمل أبداً أغصان الزيتون كما يحاول البعض أن يوهمنا بذلك.واللافت في العدوان التركي على سورية أنه كشف زيف وتلون الدول الكبرى، وأنها تلعب لعبة السياسة الوقحة، فأميركا تسحب قواتها من شمال سورية وتعطي الضوء الأخضر لتركيا لاحتلالها، ثم تعود وتهدد وتتوعد أنقرة وتطالبها بالانسحاب، والاتحاد الأوروبي حليف تركيا في "ناتو" يصدر بيانات الإدانة والشجب، ويندد بعملياتها العسكرية ويحذرها من حظر تصدير السلاح لها بعد أن باع الاتحاد الأوروبي وأميركا وروسيا أسلحة لتركيا تكفيها للقتال عقوداً من الزمن فعلى من يضحك هؤلاء؟ والجامعة العربية التي تركت سورية تغرق في الحرب والصراعات الطائفية، واكتفت بإزاحتها عن كرسيها في المجلس عادت الآن لتتباكى على سورية ووحدتها واستقرارها، بعد أن أصبحت بقايا دولة، فأين كانت الجامعة العربية منذ سنوات؟ وهل استيقظ ضميرها بعد فوات الأوان أم أنها تريد غسل يدها من هذا العار الذي لحق بأمتنا العربية؟ الحقيقة المرة أنهم متلونون ويبحثون عن مصالحهم الخاصة، وتركوا الشعب السوري المغلوب على أمره يواجه الأطماع والأحقاد، أما نحن فلا نملك سوى الدعاء للسوريين بأن ينصرهم المولى عز وجل على أعدائهم في الداخل والخارج وأن يوحد صفوف الأمتين العربية والإسلامية.